115

قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم ، فلم يكن ذلك على طلب من الله بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فلما قيل له في ذلك قال " أفلا أكون عبدا شكورا " ؟ وقال في نوح " إنه كان عبدا شكورا " .

فالشكور من عباد الله تعالى قليل . فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف (100-ب) من حروف الاتصال ، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم ، وهي الدال والألف والواو وسمى محمدا (1) صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم (2) فجمع له بين الحالين (3) في اسمه كما جمع لداود بين الحالين (3) من طريق المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمد (4) على داود عليهما السلام ، أعني التنبيه عليه باسمه . فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسمه أحمد ، فهذا من حكمة الله تعالى . ثم قال في حق داود - فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه - ترجيع الجبال معه التسبيح ، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها . وكذلك الطير . وأعطاه القوة ونعته بها، وأعطاه (5) الحكمة وفصل الخطاب. ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته . ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى " أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني " فيضلك عن

Page 161