أمسك ، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل رب فيه ؛ فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به . وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى ، كما (1) قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " قل رب زدني علما ". فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن(2) يتأوله(3) علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب . قالوا فما أوعلته قال العلم. وكذلك لما أسري (4) به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرةأصاب الله بك أمتك. فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم فهوالعلم تمثل في صورةاللبن كجبريل تمثل (5) في صورة بشر سوي لمريم. ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا (6) " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم : خيال فلا بد من تأويله .
إنا الكون خيال
وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا
حاز أسرار الطريقة فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال "اللهم بارك لنا فيه وزدنا(7) منه (69 -ب) لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم: وإذا قدم له غيراللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا (7) خيرأ منه . فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء
Page 159