وهي من بينات الأنبياء ودلائلهم، تخبر عن أسرار الله وسلطانه المخصوص بالعارفين، وإدارته الفلك النوراني الرحماني الدري الحاكم على الفلك الدخاني الكري كما أن العقل حاكم على الصور الترابية وحواسها الظاهرة والباطنة. فدوران ذلك الفلك الروحاني حاكم على الفلك الدخاني الكري، والشهب الزاهرة والسرج المنيرة والرياح المنشأة، والأراضي المدحية، والمياه المطردة نفع الله بها عباده وزادهم فهما. وإنما يفهم كل قارئ على قدر نهيته، وينسك الناسك على قدر قوة اجتهاده، ويفتي المفتي مبلغ رأيه، ويتصدق المتصدق بقدر قدرته، ويجود الباذل بقدر موجوده، ويقتني المجود عليه ما عرف من فضله.
ولكن مفتقد الماء في المفازة لا يقصر به عن طلبه معرفة ما في البحار، ويجد في طلب ماء هذه الحياة قبل أن يقطعه المعاش بالاشتغال عنه، وتعوقه العلة والحاجة، وتحول الأعراض بينه وبين ما يتسرع إليه.
ولن يدرك هذا العلم مؤثر بهوى، ولا راكن إلى دعة، ولا منصرف عن طلبه، ولا خائف على نفسه، ولا مهتم لمعيشته إلا أن يتعوذ بالله ويؤثر دينه على دنياه، ويأخذ من كنز الحكمة الأموال العظيمة التي لا تكسد ولا تورث بميراث الأموال، والأنوار الجليلة، والجواهر الكريمة، والضياع الثمينة، شاكرا لفضله، معظما لقدره مجللا لخطره.
ويستعيذ بالله من خساسة الحظوظ، ومن جهل يستكثر القليل مما يرى في نفسه، ويستقل الكثير العظيم من غيره، ويعجب بنفسه بما لم يأذن له الحق.
وعلى العالم الطالب أن يتعلم ما لم يعلم، وأن يعلم ما قد علم، ويرفق بذوي الضعف في الذهن، ولا يعجب من بلاهة أهل البلادة، ولا يعنف على كليل الفهم
كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم .
سبحان الله تعالى عن أقاويل الملحدين، وشرك المشركين، وتنقيص الناقصين، وتشبيه المشبهين، وسوء أوهام المتفكرين، وكيفيات المتوهمين.
وله الحمد والمجد على تلفيق الكتاب المثنوي الإلهي الرباني، وهو الموفق المتفضل، وله الطول والمن لا سيما على عباده العارفين على رغم حزب يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون، إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيه محمد وآله وعترته الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المقدمة الفارسية المنظومة
Unknown page