ثم إن أرنبا أصابتها القرعة، فقالت لهن: أي شيء يضركن إن أنتن رفقتن بي فيما لا يضركن، وأريحكن من الأسد؟ فقلن لها: وما ذلك؟ قالت: تأمرن من يذهب معي ألا يتبعني لعلي أبطئ على الأسد حتى يتأخر غداؤه فيغضب لذلك. ففعلن بها ما ذكرته.
وانطلقت متئدة حتى جاءت الساعة التي كان يتغدى فيها، فجاع الأسد وغضب، وقام من مربضه يمشي وينظر. فلما رآها قال: من أين جئت، وأين الوحوش؟ فقالت: من عندهن جئت وهن قريب، وقد بعثن معي بأرنب، فلما كنت قريبا منك، عرض لي أسد فانتزعها مني، فقلت: إنها طعام الملك فلا تغضبنه. فشتمك، وقال: أنا أحق بهذه الأرض وما فيها منه. فأتيتك لأخبرك.
فقال: انطلقي معي فأرينيه. فانطلقت به إلى جب صافي الماء، فقالت: هذا مكانه، وهو فيه وأنا أفرق منه، فاحملني في صدرك. فحملها في صدره، ونظر في الجب فإذا هو بظلها وظله، فوضع الأرنب من صدره، ووثب لقتال الأسد في الجب وطلبه فغرق.
وانفلتت منه الأرنب ورجعت إلى سائر الوحوش فأعلمتهن بخبره.
هذه هي القصة، ولكن جلال الدين أخذها فتصرف فيها، وتوسل بها إلى الإبانة عن آرائه كدأبه في كثير من القصص، يجعلها وسيلة إلى الإبانة عن مذهبه، ويستطرد، ويغفل القصة حتى تضيع في الاستطراد، ثم يعود إليها.
وقد ترجمتها منثورة، وجعلت كل سجعتين مكان القافيتين في البيت المترجم.
ودققت في الترجمة فلم أحد عن الأصل، ولم أزد أو أنقص إلا حين يقتضي هذا البيان العربي، وحين أشعر أن كلمة وضعها الشاعر أو حذفها لضرورة الوزن أو القافية؛ فأتصرف التصرف الذي أحسب الشاعر كان يذهب إليه، لولا الضرورة الملجئة.
وأنبه القارئ إلى ما في هذا الفصل من آراء قيمة لجلال الدين في الجبر والاختيار خاصة، فهو رأي عظيم من أئمة الصوفية، في أمر اختلفت فيه عباراتهم، وغمضت فيه مسالكهم.
القصة
اقرأ في كليلة هذه القصة، واطلب لك منها حصة:
Unknown page