إما الوجود الخارجي أو الماهية الخارجية لان مجرد عدم انفكاك شئ لا يوجب أخذه في وضع اللفظ بإزائه الثاني أن الامر قد يقيد بالمرة كما يقال افعله مرة وقد يقيد بالتكرار كما يقال افعله مرارا و المقيد بالقيود المتقابلة لا دلالة له على خصوص أحدها وهذا القدر من البيان ضعيف لجواز أن يكون القيد على أحد التقديرين تأكيدا و توضيحا وعلى الاخر بيانا لإرادة خلاف الظاهر ولو اعتبر مع ذلك تساوي نسبته إلى كل من القيدين بشهادة العرف تم واستقام وقد يتمسك في نفي الأول بأولوية التأسيس على التأكيد والثاني بأصالة عدم مخالفة الظاهر وهو ضعيف إذ جواز التعويل على مثل ذلك في إثبات الوضع غير ثابت الثالث استعمال صيغة الامر في القدر المشترك ثابت وفي خصوصية كل من المرة والتكرار وغير ثابت و إنما الثابت إطلاقها على المقيد بهما فيكون بالنسبة إلى القدر المشترك من قبيل متحد المعنى إذ المعنى المشكوك فيه بمنزلة العدم فقضية الأصل أن يكون حقيقة فيه على ما سبق تحقيقه في متحد المعنى الرابع ما ذكره العلامة من أنها تستعمل تارة في المرة وتارة في التكرار فلو كان حقيقة في أحدهما بخصوصه لزم المجاز أو فيهما معا كذلك لزم الاشتراك وهما على خلاف الأصل فيتعين أن يكون للقدر المشترك ليكون الاستعمال فيهما على الحقيقة وهذا الاستدلال عندي غير مستقيم كما مر غير مرة الخامس ما أشار إليه العلامة أيضا وهو ينهض حجة على نفي التكرار فقط وتقريره لو كان الامر للتكرار لكان كل عبادة ناسخة لما تقدمها والتالي بإطلاقه باطل بالاتفاق بيان الملازمة أن الامر الثاني يوجب رفع التكرار الذي أفاده الامر الأول بحسب ما يختص به من زمن الامتثال به فيكون ناسخا له وهو المراد بالتالي وفيه نظر لان القائل بالتكرار إنما يقول به إذا تمكن المكلف منه عقلا أو شرعا كما حكاه بعضهم و هو الظاهر من إطلاق الامكان على ما مر في تحرير العنوان و ظاهر أن الامر الثاني إنما يرفع تمكن المكلف في الزمن المتأخر ولا يرفع الحكم فيه إذ لا ثبوت له مع عدم التمكن حجة من قال بالتكرار وجوه الأول أنها لو لم تكن للتكرار لما تكرر الصوم والصلاة و قد تكررا وأجيب تارة بمنع الملازمة لجواز أن يكون التكرار ثابتا فيهما بدليل آخر وأخرى بالمعارضة بالحج حيث أمر به و لا تكرار ويمكن أن يعارض أيضا بالصلاة بالنسبة إلى كل وقت من أوقاتها حيث أمر بها فيه ولا تكرار لا يقال يمكن دفع المعارضة بنحو ما مر في الوجه الأول من أن عدم التكرار هناك لعله مستفاد من دليل آخر لأنا نقول لا يستقيم الاستدلال بمجرد منع ما يوجب القدح فيه بخلاف منع بعض مقدماته فإنه يوجب القدح في الاستدلال قطعا الثاني أن النهي يقتضي التكرار والامر يشاركه في الدلالة على الطلب فيكون أيضا كذلك وأجيب عنه أولا بأنه قياس في اللغة و هو باطل كما مر وثانيا ببيان الفارق وذلك من وجهين الأول أن النهي يقتضي انتفاء الحقيقة وذلك لا يكون إلا بانتفائها في جميع الأوقات والامر يقتضي إيجادها وهو يحصل ولو في ضمن المرة و يمكن دفعه بأن دلالة النهي على انتفاء الحقيقة في جميع الأوقات ليس من جهة أن انتفاء الحقيقة لا يكون إلا عند انتفائها كذلك لان انتفاء الحقيقة كما يكون عند انتفائها في جميع الأوقات كذلك يكون عند انتفائها في بعض الأوقات فالفرق ممنوع وهنا كلام يأتي ذكره في مبحث النهي الثاني أن التكرار في الامر مانع من فعل غير المأمور به بخلاف النهي فإن الترك يجامع غيره من الافعال وأورد عليه بأن القائل بالتكرار لا يقول به حيث منع مما يلزم فعله شرعا أو عقلا لانتفاء التمكن الشرعي أو العقلي في ذلك وقد اعتبره فيه وهذا الايراد مما لا مساس له بكلام المجيب إذ ليس فيه ما يقتضي تخصيص دعوى مانعية التكرار بما يلزم فعله شرعا أو عقلا وإنما أراد أن تكرار فعل المأمور به ينافي غيره من الافعال بخلاف تكرار ترك المنهي عنه فإنه يجتمع مع غيره من الافعال وجعل هذا فارقا بين الامر و النهي وليس في اعتبار التمكن ما ينافي ذلك نعم ينبغي تنزيل كلامه على إرادة الغالب لان تكرار فعل المأمور به قد لا ينافي لغيره من الافعال كما في الامر بالسكوت وتكرار ترك الفعل المنهي عنه قد ينافي لبعض الافعال كما في النهي عن مقدمة الفعل التعينية ويمكن الجواب أيضا بأن النهي لا دلالة له على التكرار بل على الاستمرار وهو غير التكرار إلا أن يقال المراد بالتكرار استمرار الاشتغال بفعل المأمور به أو يقال إذا دل النهي على الاستمرار كان القياس أن يدل الامر عليه أيضا فإذا تعذر دلالته عليه ناسب أن يدل على التكرار لان التكرار في الفعل بمنزلة الاستمرار في الترك لكن الوجه الثاني استحسان في قياس وقد مر أنه لا تعويل عليه في مباحث الألفاظ الثالث أن الامر بالشئ نهي عن ضده والنهي يقتضي دوام الترك فيلزم منه تكرار المأمور به والجواب أن النهي عن الضد إنما يكون على حسب ما يقتضيه الامر لأنه تابع له فإذا لم يدل الامر على التكرار فمن أين يدل النهي على دوام ترك الضد إذ الفرع لا يزيد على أصله و اعلم أنه ينبغي حمل الضد في كلام المستدل على إرادة الترك إذ لو حمل على إرادة الأضداد الوجودية فهو مع توقفه على القول بالاقتضاء لا يقتضي وجوب التكرار وإن اقتضى وقوعه لأنه حينئذ من جملة المقارنات كما سيأتي في دفع شبهة الكعبي احتج من قال بالمرة بأن السيد إذا قال لعبده ادخل النار فدخلها مرة عد ممتثلا عرفا وذلك آية كونه حقيقة في المرة والجواب أن ذلك لا يقتضي كونها حقيقة في المرة بخصوصها وإنما يقتضي ظهورها فيها عند الاطلاق ونحن لا نتحاشى عن ذلك ولهذا لو قال ادخلها مرتين أو مرارا لم يكن فيه تجوز أصلا ودعوى مغايرة وضعه مطلقا لوضعه مقيدا مع مخالفتها للأصل مخالفة لما يشهد به الذوق والوجدان هذا و المعروف بينهم في الجواب أنه إنما يعد ممتثلا لايجاد الطبيعة لا لكون المأتي به مرة لان الامر ليس للمرة كما أنه ليس للتكرار بل للقدر المشترك ويحصل في ضمنهما وهذا الجواب لا يستقيم على أصلنا الآتي من أن المطلوب بالامر إما الوجود الخارجي أو الماهية الخارجية فإن ذلك يوجب مطلوبية المرة عند عدم مطلوبية التكرار قال العضدي بعد ذكر الجواب المذكور ولولا ذلك لما امتثل بالتكرار و اعترض عليه بعضهم بأنه في حيز المنع فإن المرة يحصل في ضمن التكرار يعني يجوز أن يتمثل بالتكرار باعتبار ما يتضمنه من المرة كما أنه يمتثل به على القول الاخر باعتبار ما يتضمنه من الطبيعة ثم قال اللهم إلا أن يراد بالمرة لزوم الاقتصار على المرة
Page 72