الاجمال بهذا الاعتبار عين التفصيل وإن حمل العلم على التصديق جاز حمل الاحكام على النسب والمسائل وعلى مطلق الاحكام أيضا إن اعتبرت من حيث انتسابها إلى موضوعاتها ليصح تعلق التصديق بها و ما يقال هنا وفيما مر أن تفسير الاحكام بالنسب يوجب خروج العلم بحدود موضوعات الفقه عنه مع أن بيانها من وظيفته فضعيف لأنه إن أريد به لزوم خروج تصور حدود الموضوعات عنه أو تصورها بحدودها عنه فهذا مما لا ضير فيه بل مما يجب المحافظة عليه لئلا ينتقض طرد الحدية لان مسائل العلوم على ما تبين في محله لا تكون إلا تصديقات وتصور الموضوع من المبادي التصورية التي تبين في العلم إذ ليس لها موضع آخر تبين فيه فبيانها من وظيفة العلم بالعرض على أن ذلك خارج عن أصل الحد بناء على تفسير العلم بالتصديق وإن أريد لزوم خروج التصديق بصحة تلك الحدود و مقتضاها عنه فممنوع لأنها حينئذ يشتمل على النسبة بالوصف المذكور وهي أيضا داخلة فيه على الوجهين الأخيرين أما على الأول فلأنها بهذا الاعتبار تكون من المسائل وأما على الثاني فلأنها حينئذ تكون من جملة الأحكام الوضعية حيث إنها لا تنحصر عندنا في الخمسة المعروفة ولا يصح تفسير الاحكام حينئذ بالتصديقات ولا بالأحكام الخمسة ولا بالخطابات لما سبق وإن فسر العلم بالملكة جاز أن يراد بالأحكام التصديقات أو المسائل أو مطلق الاحكام على حد وما سبق ومن شنع على من فسر الاحكام بالتصديقات بأن الفقه ليس عبارة عن التصديق بالتصديقات فكأنه غفل عن تفسير العلم بهذا المعنى ولا يصح حينئذ أن يراد بها الخطابات ولا الأحكام الخمسة لما مر ولا النسب إذ ليس ملكتها فقها إلا أن تفسير الملكة بملكة التصديق أو الادراك بأن يراد بها التصديق أو الادراك بالملكة فيستقيم المعنى بهذا التكلف كما مر أو يتعسف فيجعل الظرف متعلقا بالمتعلق المقدر على أن تكون صفة للعلم ويعتبر تعلقها بالنسبة على وجه يتناول تعلقها بها بواسطة تعلقها بما يتعلق بها من التصديق و الوجهان إتيان على تقدير التفسير بالمسائل وبمطلق الاحكام أيضا إلا أنه لا تعسف فيهما لشيوع الاطلاق ثم تفسير أسماء العلوم بالملكة مما اشتهر في العبائر والألسنة لكن قد يناقش فيه بأن الملكات أمور بسيطة لا تقبل التبعيض و التجزئة وتقبل الضعف والشدة والمعهود من حال العلوم خلاف ذلك وجوابه أن أسماء العلوم كما تطلق على المسائل كذلك تطلق على الملكات وهي تتصف بتلك الصفات بالمعنى الثاني دون الأول وكأن المعترض اعتبر التعريف بالملكة للعلم بمعنى المسائل فأورد عليه بذلك فتأمل وفي المقام كلام ستقف عليه ولا يصح أن يراد بالعلم التصور إذ ليس الفقه عبارة عنه ولا المسائل لعدم استقامة المعنى من غير تعسف والشرعية أما مأخوذة من الشرع بمعنى الشارع سواء فسر به تعالى أو بالنبي صلى الله عليه وآله أو من الشرع بمعنى الطريقة المنتسبة إليه نسبة الاحكام إلى الشرع بالمعنى الأول من باب نسبة الأثر إلى المؤثر ولو تقريبا وبالمعنى الثاني من باب نسبة الشئ إلى متعلقه أو وصفه أو نسبة الجز إلى الكل لان اللام فيها للعموم الافرادي ولا يلزم منه نسبة الشئ إلى نفسه حيث إن المنسوب داخل في المنسوب إليه لتغاير الاعتبارين ثم على تقدير تفسيره بأحد الوجهين الأخيرين فالمراد به شرعنا كما هو الظاهر المتبادر دون سائر الشرائع إذ لا يسمى من علم فروع شرع اليهود أو النصارى عن أدلتها فقيها من حيث علمه بها ويشكل الحد بناء على تفسيره بالمعنى الأول ولا مناص عنه إلا بحمل الاحكام على الاحكام المعهودة إجمالا أو على الاحكام الفعلية أي الثابتة في هذه الملة كما هو الظاهر من إطلاقها ويؤيده إضافة الأدلة إن جعلت المعهد و كيف كان فالمراد بها هنا ما كان للشرع مدخل فيه سواء استقل بإثباته العقل أولا والمراد بالفرعية المسائل المعروفة التي دونت مهماتها في الكتب المعهودة وربما تفسر بما يتعلق بكيفية العمل بلا واسطة والظاهر أن المراد بالموصولة إما العلم الشرعي أو العلم بالحكم الشرعي بمعانيها التي اعتبرناها في الحد كما يقتضيه ظاهر المقام لا مطلقهما أو مطلق أحدهما أو مطلق الشئ لئلا يتضح فساد طرده على بعض الوجوه الآتية فإن كل ما يتعلق بكيفية العمل بلا واسطة لا يكون فرعيا قطعا فيجوز أن يراد بها التصديق الشرعي أو الادراك الشرعي أو المسائل الشرعية أو نسبها أو مطلق الاحكام أو ملكة أحد هذه الأمور أو التصديق بأحد الثلاثة المتأخرة من الأولين و الأنسب بالمقام أن يراد بها الحكم الشرعي بمعانيه المعتبرة في الحد بقرينة وقوعها حدا لوصفه ويجوز أن يراد بكيفية العمل هيئته و خصوصيته فيكون في اعتبارها تنبيه على أن الأحكام الشرعية لا تتعلق بالعمل من حيث كونه عملا ما لم يعتبر معه خصوصية وأن يراد بها مطلق الاحكام فإنها كيفيات جعلية طارئة عليه فإن فسرت بالمعنى الأول جاز أن يراد بالموصولة جميع المعاني المتقدمة على تعسف في بعضها وإن فسرت بالمعنى الثاني لم يجز أن يراد بها المسائل و لا مطلق الاحكام وصح إرادة بقية المعاني على ما مر وبعضهم ترك قيد الكيفية نظرا إلى أن الحد يتم بدونها وعلى تقديره يصح أن يراد بالموصولة جميع المعاني المتقدمة مما عدا التصديق والادراك والملكة وربما أمكن اعتبارها بتعسف كما مر ثم لا يذهب عليك أن بعض هذه الوجوه يبتني على إرجاع التفسير إلى الفرع دون الفرعية كما يظهر بالتأمل وينبغي أن يراد بالعمل فعل المكلف ولو قوة كما هو الظاهر لئلا ينتقض على بعض الوجوه المتقدمة بقول الحكيم و المتكلم بامتناع صدور القبح منه تعالى أو أنه يمتنع منه إظهار المعجزة على يد الكاذب وأنه تعالى مختار في أفعاله حكيم في صنعه وكذا لو اعتبر ذلك بالنسبة إلى خصوصيات الافعال بل ينبغي أن يخص بالمكلف الانساني لئلا ينتقض على بعض الوجوه المتقدمة بنحو قوله تعالى لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وسجد الملائكة يدخلون وقالت الملائكة وبمؤدى مثل قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة
Page 3