أَلَا تَرَى: (أَنَّ) مَا كَانَ مِنْهُ ظَاهِرَ الْمَعْنَى غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى بَيَانِ الرَّسُولِ ﷺ كَذَلِكَ مَا بَيَّنَ اللَّهُ تَخْصِيصَهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ فَلَيْسَ بَيَانُهُ مَوْكُولًا إلَى النَّبِيِّ ﵇. وَأَيْضًا: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ﴾ [النحل: ٤٤] لِتُبَلِّغَهُ إيَّاهُمْ وَتُظْهِرَهُ وَلَا تَكْتُمَهُ. وَأَيْضًا: فَقَدْ وَكَّلَ النَّبِيُّ ﷺ الْأُمَّةَ فِي كَثِيرٍ مِمَّا وَرَدَ بِهِ لَفْظُ الْقُرْآنِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الْبَيَانِ إلَى النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، كَمَا «قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ فِي الْكَلَالَةِ يَكْفِيك آيَةُ الصَّيْفِ» وَفِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْ الرِّبَا وَغَيْرِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّخْصِيصُ بَيَانًا فَمَا الَّذِي يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِبَيَانِهِ تَارَةً وَتَارَةً يَأْمُرُ النَّبِيَّ ﷺ بِهِ.
وَمِنْ حَيْثُ جَازَ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ جَازَ تَخْصِيصُهُ (بِهِ) لِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيَانٌ (لِمُدَّةِ) الْفَرْضِ الْأَوَّلِ وَالتَّخْصِيصُ بَيَانُ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ مَا شَمِلَهُ الِاسْمُ