56

Al-Fuṣūl fī al-uṣūl

الفصول في الأصول

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

الكويت

وقَوْله تَعَالَى ﴿لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى﴾ [الليل: ١٥] ﴿الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ [الليل: ١٦] وَإِنَّمَا جَعَلَ التَّخْلِيدَ فِي النَّارِ مَقْصُورًا عَلَى الْكُفَّارِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَنَحْوِهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ (أَبُو مُوسَى) عِيسَى بْنُ أَبَانَ هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأَخْبَارِ. وَقَالَ إنَّا إنَّمَا وَقَفْنَا فِي وَعِيدِ فُسَّاقِ أَهْلِ الْمِلَّةِ لِأَنَّ آيَ الْوَعِيدِ بِإِزَائِهَا. هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي تَلَوْتهَا مِمَّا يَقْتَضِي ظَاهِرُهَا دُخُولَ فُسَّاقِ أَهْلِ الْمِلَّةِ فِيهَا فَجَوَّزْنَا لَهُمْ الْغُفْرَانَ بِهَا وَجَوَّزْنَا التَّعْذِيبَ بِالْآيِ الْأُخَرِ وَأَرْجَيْنَا أَمْرَهُمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ نَقْطَعْ فِيهِمْ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِالْقَوْلِ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ أَيْضًا. وَلَمْ يُحْكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا خِلَافُ ذَلِكَ. فَدَلَّ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا. .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: (وَمَذْهَبُ) كُلِّ مَنْ قَالَ بِالْعُمُومِ مِمَّنْ لَا يَرَى جَوَازَ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ الْمُخْرَجَ حَقِيقَتُهُ الْعُمُومُ لَا احْتِمَالَ فِيهِ لِلْخُصُوصِ إلَّا بِدَلَالَةٍ تُقْرَنُ إلَيْهِ. فَأَمَّا اللَّفْظُ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ، وَأَنَّهُ مَتَى أُطْلِقَ وَأُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصَ كَانَ اللَّفْظُ مَجَازًا عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ مِنْهُمْ إطْلَاقَ لَفْظِ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ الْخُصُوصُ. وَالْقَوْلُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ فِيمَا لَمْ تَصْحَبْهُ دَلَالَةُ الْخُصُوصِ فِي مَوْضُوعِ اللِّسَانِ وَأَصْلِ

1 / 103