Fusul Fi Usul
الفصول في الأصول
Publisher
وزارة الأوقاف الكويتية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ (قَدْ يَجُوزُ أَنْ) يُرِيدَ بِقَوْلِهِ ﴿إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ [الحج: ٣٠] إلَّا مَا يَتَبَيَّنُ لَكُمْ مِمَّا قَدْ حَصَلَ تَحْرِيمُهُ الْآنَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ إلَّا مَا سَنُحَرِّمُ عَلَيْكُمْ. وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ لَمْ يَصِرْ لَفْظُ الْإِبَاحَةِ بِهِ مُجْمَلًا، (وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُجْمَلًا) إذَا كَانَ الْمُرَادُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ. وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] فَلَوْ خَلَّيْنَا وَظَاهِرَهُ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى عُمُومِهِ فَلَمَّا قَرَنَ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ [النساء: ٢٤] احْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَجْعَلَ كَوْنَهُ عَلَى صِفَةِ الْأَفْعَالِ شَرْطًا لِلْإِبَاحَةِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَاللَّفْظُ مُجْمَلٌ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطِ حُصُولِ الْإِحْصَانِ بِالنِّكَاحِ وَالْإِحْصَانُ لَفْظٌ مُجْمَلٌ فَصَارَتْ الْإِبَاحَةُ مُجْمَلَةً مُفْتَقِرَةً إلَى الْبَيَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مُحْصِنِينَ﴾ [النساء: ٢٤] الْإِخْبَارَ بِحُصُولِ الْإِحْصَانِ بِالنِّكَاحِ فَيَصِيرَ حِينَئِذٍ عَقْدُ النِّكَاحِ شَرْطًا لِحُصُولِ الْإِحْصَانِ وَلَا يَكُونُ لَفْظُ الْإِبَاحَةِ مُجْمَلًا، وَ(مِنْ) نَحْوِ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٢٢] . فَهَذِهِ الْإِبَاحَةُ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهَا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ.
1 / 70