243

Al-Fuṣūl fī al-uṣūl

الفصول في الأصول

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

الكويت

قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا مِمَّا ذَكَرْنَا فِي شَيْءٍ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] تَخْصِيصٌ فِي الْحُكْمِ لَا الْمَحْكُومِ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ كَلَامُنَا فِي تَخْصِيصِ الْمَحْكُومِ فِيهِ بِالذِّكْرِ إذَا نُصِبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ هَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَحْكُومِ فِيهَا حُكْمُهُ بِخِلَافِ حُكْمِهِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦] فَخَصَّ الْمَحْكُومَ فِيهِنَّ ثُمَّ نَصَبَ عَلَيْهِنَّ الْحُكْمَ، وَنَحْوُ قَوْلِهِ ﷺ «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ شَاةٌ»، فَذَكَرَ الْحُكْمَ فِيهِ ثُمَّ نَصَبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ. وَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] فَخَصَّ حَالَ الْعَمْدِ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] فَإِنَّمَا فِيهِ تَخْصِيصُ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ بِشَرْطِ الْإِيمَانِ وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَصَارَتْ صِفَةُ الْإِيمَانِ لِلرَّقَبَةِ مُوجَبَةَ الْأَمْرِ فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (أَيْضًا لِأَنَّهُ) تَخْصِيصُ الْحُكْمِ بِصِفَةٍ قَدْ تَضَمَّنَهَا لَفْظُ الْإِيجَابِ فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ فِي تَجْوِيزِ أَقَلِّ مِنْ شَاهِدَيْنِ إسْقَاطُ الْوُجُوبِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْأَمْرُ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَاسْتَشْهِدُوا﴾ [النساء: ١٥] وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] فَإِنَّهُ أَعْلَمَنَا بَدْءًا جَمِيعَ مَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ النِّسَاءِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَصَارَ تَفْسِيرًا لِجَمِيعِهِ فَلَمْ يَبْقَ مِمَّا أَحَلَّ (اللَّهُ تَعَالَى) شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ

1 / 311