Fusul Fi Thaqafa

Cali Tantawi d. 1420 AH
8

Fusul Fi Thaqafa

فصول في الثقافة والأدب

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

بغايا، وإن دون الوصول إليهن وعناقهن شفرات السيوف وخوض الدم، ولكنها طوع العناق لزوجها. وذكرتُ آنسات البحتري عند بركة المتوكل: يا مَن رأى البِرْكَةَ الحَسناءَ رُؤيَتَها ... والآنِساتِ إذا لاحَتْ مَغانيها أنا رأيت بركة المتوكل ولكنها كانت جافة بلا ماء، وشاهدت آثار هذه المغاني ولكن خالية بلا آنسات، رأيتها بعدما أبلى الزمان جِدّتَها وأذهب بهجتها. هذه البركة -التي كنت أحسب البحتري مبالغًا في وصف سعتها- قسناها لمّا زرناها فوجدنا قطرها يزيد على ثلاثمئة خطوة، لذلك غارت دجلة منها: ما بالُ دِجْلَةَ (١) كَالغَيرى تُنافِسُها ... في الحُسنِ طَوْرًا وأَطوارًا تُباهيها؟ بيد أن البحتري ما قاسها بالخطى ولا الأمتار، تلك مقاييس جامدة يقيس بها أمثالنا، أما الشاعر فمقاييسه فيها حياة؛ إنه يقيس بالسّمَك: لا يبلغُ السّمَكُ المَحصورُ غايتَها ... لِبُعْدِ ما بينَ قاصيها ودانيها (٢) * * *

(١) يخطئ كثير من المذيعين والمتحدثين فيضمّون دال «دجلة»، والذي نص عليه صاحب القاموس المحيط أنها بالكسر أو بالفتح، كلاهما صحيح، واختار ياقوت الكسر، أما الضم فلا وجه له (مجاهد). (٢) وصفها حين رآها فقال: "ثم انتهينا إلى البركة، ولست أكتم القراء أني كنت أظن أن البحتري يبالغ في وصفها على طريقة الشعراء الخياليين، وأقرر ذلك في دروسي الأدبية وأقول: ما عسى أن تبلغ=

1 / 10