Fusul Fi Thaqafa

Cali Tantawi d. 1420 AH
192

Fusul Fi Thaqafa

فصول في الثقافة والأدب

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

منهج تاريخ الأدب والتصنيف الذي قلنا إنه عمل مؤرّخ الأدب إما أن يكون تصنيفًا زمنيًا (يتبع العصور)، أو تصنيفًا فنيًا (يتبع المذاهب). وتقسيم العصور الأدبية تبعًا للعهود السياسية (وهو المتّبَع في تدريس الأدب في المدارس) تقسيم لا يقوم على أساس. أولًا: لأنه ليس بين السياسة والأدب تشابه ولا ارتباط، ولا تصحّ النسبة بينهما طردًا ولا عكسًا، فربما ازدهر الأدب بازدهار السياسة، كصدر العهد العباسي، وربما تأخر بتقدمها، كعهد الفتح الإسلامي، وربما ارتقى بانحطاطها، كعهد الدول المنقطعة في الأندلس (١). ثانيًا: لهذا الخطأ في إطلاق صفات عامة على أدب كل عصر، كما يفعل مؤلفو الكتب المدرسية، مع أن في كل عصر مجدّدين ومقلدين. ومن شعراء الجاهلية مَن وصف مظاهر الحضارة وكان شعره من أرق الشعر لفظًا وأسلوبًا كعَدِيّ بن زيد، ومن شعراء عصرنا من نظم الشعر البدوي محاكاة وتقليدًا كمحمود سامي البارودي. ولو صحت مقاييس هؤلاء المؤلفين لكان البارودي الشاعرَ الجاهلي وعدي الشاعرَ العصري (٢).

(١) هذا هو اصطلاح مؤرخينا لما يسمى اليوم «ملوك الطوائف». (٢) ومن مزايا أدبنا أن الإنكليزي يأخذ شعر شاعر كان في القرن السادس عشر فلا يفهم عنه شيئًا، وأننا نأخذ شعر الجاهلية فنجد فيه -وقد مر عليه أكثر من ألف وأربعمئة سنة- ما هو أسهل وأجمل وأوضح من شعر بعض الشعراء هذه الأيام. كقول ابن كلثوم:=

1 / 199