Funeral Rites
أحكام الجنائز
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Genres
حقوق الطبع محفوظة
للمكتب الاسلامي
لصاحبه
زهير الشاويش
الطبعة الرابعة
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
المكتب الاسلامي
بيروت: ص. ب ٣٧٧١/ ١١ هاتف ٤٥٠٦٣٨ - برقيا: اسلاميا
دمشق: ص. ب ٨٠٠ هاتف ١١١٦٣٧ - برقيا: اسلامي
المقدمة / 2
- أ -
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وقد قال الله ﷿: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢)﴾ [الملك: ١، ٢]
المقدمة / 3
- ب -
وقال: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥].
وقال رسول الله ﷺ: " مالي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها " (١).
ثم إنه " لما كان هديه ﷺ في الجنائز خير الهدي مخالفا لهدي سائر الامم، مشتملا على الاحسان لسيت، ومعاملته بما ينفعه في قبره، ويوم معاده، وعلى الاحسان إلى أهله وأقاربه، وعلى إقامة عبودية الحي، فيها يعامل به، الميت، وكان من هديه في (لجنائز، إقامة العبودية للرب تبارك وتعالي على أكمل الاحوال والاحسان إلى الميت، وتجهيزه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها، ووقوفه، ووقوف أصحابه صفوفا يحمدون الله، ويستغفرون له ويسألونه المغفرة والرحمة، والتجاوز عنه، ثم المشي بين يديه إلى أن يودعه حفرته، ثم يقوم هو وأصحابه بين يديه على قبره،
سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه.
ثم يتعاهده بالزيارة إلى قبره، والسلام عليه، والدعاء له، كما يتعاهد الحي صاحبه في دار الدنيا.
فأول ذلك، تعاهده في مرضه وتذكيره الآخرة، وأمره
_________
(١) حديث صحيح، وهو مخرج في " تخريج فقه السيرة للغزالي " (ص ٤٧٨ الطبعة الرابعة)، وفي " الاحاديث الصحيحة " (رقم ٤٣٨) ولذلك أوردته في كتابي " صحيح الجامع الصغير وزيادته " يسر الله تعالى إتمامه بمنه وفضله.
المقدمة / 4
- ج -
بالوصية والتوبة، وأمر من حضره بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه.
ثم النهي عن عادة الامم التي لا تؤمن بالبعث والنشور، من لطم الخدود، وشق الثياب، وحلق الرؤوس، ورفع الصوت بالندب والنياحة وتوابع ذلك.
وسن الخشوع للميت، والبكاء الذي لا صوت معه، وحزن القلب، وكان يفعل ذلك، ويقول: " تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب ".
وسن لأمته الحمد والاسترجاع، والرضى عن الله، ولم يكن ذلك منافيا لدمع العين، وحزن القلب، ولذلك كان أرضى الخلق في قضائه وأعظمم له حمدا، وبكى مع ذلك يوم مات ابنه إبراهيم، رأفة منه ورحمة للولد، ورقة عليه، والقلب ممتلى بالرضى عن الله ﷿ وشكره، واللسان مشتغل بذكره وحمده " (١).
ولما كان كثير من الناس اليوم بعيدين كل البعد عن
_________
(١) من كلام ابن القيم ﵀ في " الفصل الأول من الجنائز " من " زاد المعاد " (١/ ١٩٧) وتمامه: " ولما ضاق هذا المشهد، والجمع بين الامرين على بعض العارفين، يوم مات ولده، جعل يضحك! فقيل له، أتضحك في هذه الحالة؟! فقال: ان الله تعالى قضى بقضاء، فأحببت أن أرضى بقضائه. فأشكل هذا على جماعة من أهل العلم، فقالوا كيف يبكى رسول الله ﷺ يوم مات إبنه إبراهيم، وهو أرضي الخلق عن الله، ويبلغ الرضى بهذا العارف إلى أن يضحك! فسمعت =
المقدمة / 5
- د -
هديه الله ﷺ في العبادات كلها، ومنها (الجنائز) بسبب انصرافهم عن دراسة العلم، ولا سيما علم الحديث والسنة، وانكبابهم على العلوم المادية، والعمل لجمع المال، فقد طلب مني بعض الاعزاء بمناسبة وفاة إحدى قريباته يوم الجمعة الواقع في ١١ ربيع الآخر سنة ١٣٧٣ هـ، أن أضع رسالة مختصرة في " آداب الجنائز في الإسلام "، ليقوم هو أو غيره بطبعها وتوزيعها على المجتمعين للتعزية في أيامها المعتادة عندهم، مغتنما فرصة اجتماعهم لتعريفهم بسنة نبهيم حتى يستنوا بها، ويهتدوا بهديها ويستنيروا بنورها.
ومع أنني كنت قد باشرت تأليف بعض المصنفات الأخرى، فقد وعدته خيرا، لما في ذلك من التعاون على إحياء السنة، وإماتة البدعة، فسارعت إلى تحقيق رغبته، وإنجاز طلبته.
ولكني ما كدت أشرع في ذلك، حتى تبين لي أن الامر أبعد من أن يتحقق بتلك السرعة، وأوسع من أن يجمع في رسالة توزع على الناس في مثل تلك المناسبة، ذلك لأن آداب الجنائز وأحكامها كثيرة جدا، وقسم كبير منها مما اختلفت فيه أقوال العلماء، وتضاربت حوله الآراء، فمنهم من يحرم شيئا، والآخر يبيحه، ومنهم من يوجب شيئا، والآخر لا يجيزه، ومنهم
_________
= شيخ الاسلام ابن تيمية يقول: هدي نبينا ﷺ كان أكمل من هدي هذا العارف، أعطى العبودية حقها، فاتسع قلبه للرضى عن الله ورحمة الولد والرقة عليه، فحمد الله ورضي عنه في قضائه، وبكى رحمة ورأفة، فحملته الرأفة على البكاء، وعبوديته الله، ومحبته الله الرضى والحمد.
وهذا العارف ضاق قلبه عن اجتماع الامرين ولم يتسع باطنه لشهودهما، والقيام بهما، فشغلته عبودية الرضى عن عبودية الرحمة والرأفة ".
المقدمة / 6
- هـ -
من يراه سنة، وآخر يراه بدعة، وهكذا ... كما هو الشأن في كثير من المسائل الاخرى، في أكثر أبواب الشريعة، مصداقا لقول الله تعالى ﴿.. وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ..﴾ [هود: ١١٨، ١١٩].
لذلك كان لابد قبل كل شئ من جمع مفردات مسائل " الجنائز " ثم دراستها دراسة دقيقة، وتتبع أدلة المختلف عليه منها، ونقدها على ضوء علمي " أصول الحديث " و" أصول الفقه "، واختيار الراجح منها، دون أي تحيز لمذهب معين، أو تأثر بعادة سيطرت حتى صارت كأنها دين يجب أن يتبع! ومما لا يخفى على أهل العلم الذين مارسوا التأليف أن تحقيق مثل هذا العمل، يتطلب سعيا حثيثا، وجهدا بليغا وصبرا جميلا، وزمنا مديدا، وبعد إنجازه يمكن تأليف الرسالة المطلوبة بصورة تطمئن إليها النفس وينشرح لها الصدر، ويعظم بها النفع.
لذلك فقد ذكرت للاخ المشار إليه خلاصة هذا معتذرا، فقبل عذري جزاء الله خيرا، ولكنه عاد يطلب مني الشروع في هذا العمل، وحضني عليه، وبالغ فيه راجيا منه خيرا كثيرا.
فاستخرت الله تعالى، وانكببت على الدراسة، والمراجعة، قرابة ثلاثة أشهر، أعمل فيها ليلا نهارا، إلا ما لابد منه من العمل في مهنتي، والنوم الذي لا غنى عنه لراحة جسمي، حتى تمكنت من إعداد هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم.
ولقد كان يتطلب من الوقت أكثر مما قدر له، لولا أن قسما كبيرا من مسائله وأحاديثه قد كان محققا عندي في بعض تصانيفي، ولذلك تراني أحيل عليها في بعض المواطن منه.
المقدمة / 7
- و-
ولقد حاولت أن أستقصي فيه كل ما له علاقة بموضوعه من المسائل التي لها دليل من الكتاب والسنة، وأعرضت مما كان مستنده مجرد الرأي، لان الموضوع تعبدي محضى، لا مجال للقياس فيه، إلا ما لا بد منه من القياس الجلي.
وأوردت في أوله بعض الفصول والمسائل التي لا تذكر عادة في " باب الجنازة " من عامة كتب الفقه، مثل الوصية، وعلامات حسن (خاتمة، ونحو ذلك، وبعضه قد لا يذكر فيها أصلا، مثل الفصل (٥ و٨ و٩)، والمسألة (٣٠)، والفقرة (ج ود) من المسألة (٧٤) والمسألة (٩٨ و١٠٥ ٩٩ و١٠٧ و١١٣ و١٢٥)
والفقرة (٧) من مسألة (١٢٨) مع أهميتها وكثرة ابتلاء الناس بها، وتواتر الاحاديث فيها، والفقرة (١٠) منها.
واستوحيت ترتيبه من الواقع، فافتتحته بفصل:
(١ - ما يجب على المريض) من الرضى بالقضاء والصبر على القدر وترك تمني الموت وأداء الحقوق والوصية والاشهاد عليها ... ثم:
(٢ - تلقين المحتضر) وما على من حضره من التلقين وأمره بالشهادة.
ثم (٣ - ما على الحاضرين بعد موته) من غمض عينيه. والدعاء له وتغطيته. والتعجيل بتجهيزه. والمبادرة لقضاء دينه.
ثم (٤ - ما يجوز للحاضرين وغيرهم) من كشف وجهه وتقبيله والبكاء عليه.
المقدمة / 8
- ز -
ثم (٥ - ما يجب على أقارب الميت) من الصبر والرضا بالقدر، والا سترجاع، وإحداد المرأة على زوجها.
ثم (٦ - ما يحرم عليهم) من النياحة وضرب الخدود وشق الجيوب، وغير ذلك كنعيه على المنائر.
ثم (٧ - النعي الجائز).
ثم (٨ - علامات حسن الخاتمة).
ثم (٩ - ثناء الناس على الميت).
ثم (١٠ - غسل الميت).
وهكذا إلى الدفن وزيارة القبور.
وختمته بفصل خاص ببدع الجنائز. أستوعبت فيه جميع ما وقفت عليه من البدع منصوصا عليه في كتاب من كتب أهل العلم قديما وحديثا. عازيا كل بدعة إلى موضعها من كتبهم. وما لم يعز إليهم. فهو مما يحكم المنهج العلمي في أصول البدع أنه منها. ولكني لم أر من نص، منهم عليها. وكثير منها من بدع العصر الحاضر.
وإني لأسأل الله ﵎ أن ينفع بهذا الكتاب كل من قرأه.
ويكتب لي أجره ومثله لمن كان سبب تأليفه ولمن قام على طبعه.
إنه سميع مجيب.
دمشق ٢٤ محرم سنة ١٣٨٨ هـ (١).
محمد ناصر الدين الألباني
_________
(١) وكان منتظرا صدور الكتاب في ١٣٨٥ بعد أن سبكت الحروف وأعد للطبع ولكن توقف مطابع المكتب الإسلامي من ذي القعدة ١٣٨٤ حتى منتصف ربيع الأول ١٣٨٨ حال دون ذلك.
والله على المستعان كل حال.
الناشر
المقدمة / 9
أحكام الجنائز وبدعها
تأليف: محمد ناصر الدين الألباني
المكتب الإسلامي
1 / 1
(١) ما يجب على المريض
١ - على المريض أن يرضى بقضاء الله، ويصبر على قدره، ويحسن الظن بربه، ذلك خير له، قال رسول الله ﷺ: " عجبا لامر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لاحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ".
وقال ﷺ: " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ".
رواهما مسلم والبيهقي وأحمد.
٢ - وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء، يخاف عقاب الله على ذنوبه، ويرجو رحمة ربه، لحديث أنس: " أن النبي ﷺ دخل على شاب وهو بالموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: والله يارسول الله إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله ﷺ: لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن، إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمنه مما يخاف ".
أخرجه، الترمذي وسنده حسن، وابن ماجه، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص ٢٤/ ٢٥) وابن أبي الدنيا كما في " الترغيب " (٤/ ١٤١).
1 / 3
٣ - ومهما اشتد به المرض، فلا يجوز له أن يتمنى الموت، لحديث أم الفض ﵂: " أن رسول الله ﷺ دخل عليهم، وعباس عم رسول الله يشتكي، فتمنى عباس الموت، فقال له رسول الله ﷺ: يا عم! لا تتمن الموت، فانك إن كنت محسنا، فأن تؤخر تزداد إحسانا إلى إحسانك خير لك، وإن كنت مسيئا فأن تؤخر فتستعتب من إساءتك خير لك، فلاتتمن الموت ".
أخرجه الحاكم (١/ ٣٣٩) وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي.
وإنما هو على شرط البخاري فقط، وأخرجه الشيخان والبهقي (٣/ ٣٧٧) وغيرهم من حديث أنس مرفوعا نحوه، وفيه: " فإن كان لا بد فاعلا فليقل: الهم أحيي ما كانت الحياة خيرا لي: وتوفي إذا كانت الوفاة خيرا لي ".
٤ - وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى، أصحابها، إن تيسر له ذلك.
وإلا أوصى بذلك، فقد قال ﷺ: " من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه (١) أو ماله، فليؤدها إليه، قبل أن يأتي يوم القيامة لا يقبل فيه دينار ولا درهم " إن كان له عمل صالح أخذ منه، وأعطي صاحبه، وإن لم يكن له عمل صالح، أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه ".
أخرجه البخاري والبيهتي (٣/ ٣٦٩) وغيرهما.
وقال ﷺ: " أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا دراهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف، هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا، من حسناته، وهذا من حسناته.
فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار ".
رواه مسلم (٨/ ١٨)
_________
(١) العرض: موضع المدح والذم من الانسان سواء كان في نفسه أو من يلزمه أمره " نهاية ".
1 / 4
وقال ﷺ أيضا: " من مات وعليه دين، فليس ثم دينار ولا درهم، ولكنها الحسنات والسيئات ".
أخرجه الحاكم (٢/ ٢٧) والسياق له وابن ماجه وأحمد (٢/ ٧٠ - ٨٢) من طريقين عن ابن عمر، والأول صحيح كما قال الحاكم ووافقه الذهبي، والثاني حسن كما قال المنذري (٣/ ٣٤)، ورواه الطبراني في الكبير بلفظ: " الدين دينان، فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه، ومن مات وهو لا ينوي قضاءه، فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليس يومئذ دينار ولا درهم (١) ".
وقال جابر بن عبد الله ﵄: " لما حضر أحد، دعاني أبي من الليل، فقال: ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من أصحاب ﷺ، وإني لا أترك بعدي أعز على منك غير نفس رسول الله ﷺ، وإن على دينا فاقض، واستوص باخوتك خيرا.
فأصبحنا، فكان أول قتيل .. " الحديث.
أخرجه البخاري.
٥ - ولا بد من الاستعجال بمثل هذه الوصية لقوله ﷺ: " ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين، وله شئ يريد أن يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه ".
قال ابن عمر: " ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول الله ﷺ قال ذلك إلا وعندي وصيتي ".
رواه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم.
٦ - ويجب أن يوصي لأقربائه الذين لا يرثون منه، لقوله ﵎: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠]
٧ - وله أن يوصي بالثلث من ماله، ولا يجوز الزيادة عليه، بل الافضل أن ينقض منه لحديث سعد بن أبي وقاص ﵁ قال:
_________
(١) وهو حديث صحيح بما قبله، وبحديث عائشة التي في آخر المسألة (١٧).
1 / 5
" كنت مع رسول الله ﷺ في حجة الوداع، فمرضت مرضا أشفيت منه على الموت، فعادني رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله إن لي مالا كثيرا، وليس يرثي إلا ابنة لي، أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: لا. قال: قلت: بشطر مالي؟ قال: لا. قلت: فثلث مالي؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك يا سعد! أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس (وقال بيده)، إنك يا سعد لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت عليها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك.
(قال: فكان بعد الثلث جائزا) ".
أخرجه أحمد (١٥٢٤) والسياق له والشيخان والزيادتان لمسلم وأصحاب السنن.
وقال ابن عباس ﵁: " وددت أن الناس عضوا من الثلث إلى الربع في الوصية، لأن النبي ﷺ قال: الثلث كثير ".
أخرجه أحمد (٢٠٢٩، ٢ ٠٧٦) والشيخان والبيهقي (٦/ ٢٦٩) وغيرهم.
٨ - ويشهد على ذلك رجلين عدلين مسلمين، فان لم يوجدا فرجلين من غير المسلمين على أن يستوسق منهما عند الشك بشهادتهما حسبما جاء بيانه، في قول الله تبارك تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا (١) فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ
_________
(١) أي فإن اتفق الاطلاع على أن الشاهدين المقسمين استحقا إثما بالكذب والكتمان في الشهادة، أو بالخيانة وكتمان شئ من التركة في حالة ائتمانهما عليها فالواجب، أو فالذي يعمل لاحقاق الحق هو أن ترد اليمين إلى الورثة بأن يقوم رجلان آخران مقامهما من أولياء الميت الوارثين له، الذين استحق ذك الاثم بالاجرام عليهم، والخيانة لهم.
كذا في " تفسير المنار "، وراجع تمام البحث فيه (٧/ ٢٢٢).
1 / 6
فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (١٠٨)﴾ [المائدة: ١٠٦ - ١٠٨]
٩ - وأما الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون من الموصي، فلا تجوز، لأنها منسوخة بآية الميراث، وبين ذلك رسول الله ﷺ أتم البيان في خطبته في حجة الوداع فقال: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث " (١) أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي (٦/ ٢٦٤) وأشار لتقويته، وقد أصاب، فإن إسناده حسن، وله شواهد كثيرة عند البيهقي و" مجمع الزوائد " (٤/ ٢١٢ ".
١٠ - ويحرم الاضرار في الوصية، كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الارث، أو يفضل بعضهم على بعض فيه، لقوله ﵎: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون ... مما قل أو كثر نصيبا مفروضا ..) (٦ - ١٢) وفي الاخيرة منها: (من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار، وصية من الله، والله عليم حليم).
ولقوله ﷺ: " لا ضرر، من ضار ضاره الله، ومن شاقه الله ".
أخرجه الدارقطني (٥٢٢) والحاكم (٢/ ٥٧ - ٥٨) عن أبي سعيد الخدري، ووافق الذهبي الحاكم: على قوله " صحيح على شرط مسلم " والحق أنه حديث حسن كما قال النووي في " الاربعين " وابن تيمية في " الفتاوى " (٣/ ٢٦٢) لطرقه وشواهده الكثيرة، وقد ذكرها الحافظ ابن رجب في " شرح الاربعين " (ص ٢١٩، ٢٢٠) ثم خرجتها في " إرواء الغليل " رقم ٨٨٨)
_________
(١) فالناسخ إنما هو القرآن، والسنة إنما هي مبينة لذلك كما ذكرنا، وكما هو واضح من خطبته ﷺ خلافا لما يظنه كثيرون أن الحديث هو الناسخ، ثم استغل ذلك بعض المعاصرين فزعموا أن حديث الاحاد ينسخ القرآن فقد عرفت الجواب، وهو أن الناسخ إنما هو القرآن، ولو سلمنا أن الناسخ إنما هو الحديث، فهو صالح للنسخ اتفاقا، لان العلماء جميعا تلقوه بالقبول.
على أنه حديث متواتر، كما يعلم ذلك من وقف على
طرقه الكثيرة المبثوثة في دواوين السنة ومسانيدها.
ولعلنا نوفق لا ستخراجها وتحقيق الكلام عليها في جزء مفرد.
ثم جمعت طرقه وخرجتها في " إرواء الغليل " رقم (١٦) فجاوزت طرقه العشرة، عن ثمانية من الصحابة بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها منجبر الضعف.
1 / 7
١١ - والوصية الجائرة باطلة مردودة، لقوله ﷺ: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " وأحمد وغيرهم.
ولحديث عمران بن حصين: " أن رجلا أعتق عند موته ستة رجلة (١) فجاء ورثته من الاعراب، فأخبر وارسول الله ﷺ بما صنع، قال: أو فعل ذلك!؟ قال: لو علمنا إن شاء الله ما صلينا عليه، قال: فأقرع بينهم فأعتق منهم اثنين، ورد أربعة في الرق ".
أخرجه أحمد (٤/ ٤٤٦) ومسلم بنحوه وكذا الطحاوي والبيهقي وغيرهم.
١٢ - ولما كان الغالب على كثير من الناس في هذا الزمان الابتداع في دينهم، ولا سيما فيما يتعلق بالجنائز، كان من الواجب أن يوصي المسلم بأن يجهز ويدفن على السنة عملا بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦)﴾ [التحريم: ٦].
ولذلك كان أصحاب رسول الله ﷺ يوصون بذلك، والاثار عنهم بما ذكرنا كثيرة، فلا بأس من الاقتصار على بعضها: أ - عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أباه قال في مرضه الذي مات فيه: " ألحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا، كما صنع برسول الله ﷺ ".
أخرجه مسلم والبيهقي (٣/ ٤٠٧) وغيرهما.
ب - عن أبي بردة قال: " أوصى إبو موسى ﵁ حين حضره الموت قال: إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا بي المشي، ولا تتبعوني بمجمر، ولا تجعلن على لحدي شيئا يحول بيي وبين التراب، ولا تجعلن على قبري بناء، وأشهدكم أني برئ من كل حالقة، أو سالقة، أو خارقة، قالوا، سمعت فيه شيئا؟ قال: نعم، من رسول الله ﷺ ".
_________
(١) جمع (رجل).
1 / 8
أخرجه أحمد (٤/ ٣٩٧) والبيهقي (٣/ ٣٩٥) بهذا التمام، وابن ماجه بسند حسن.
ج - عن حذيفة قال: " إذا أنا مت فلا تؤذنوا بي أحدا، فإني أخاف أن يكون نعيا، وإني سمعت رسول الله ﷺ ينهي عن النعي ".
أخرجه الترمذي (٢/ ١٢٩) وقال: " حديث حسن "، ورواه غيره بنحوه وسيأتي في " النعي " وفي الباب آثار أخرى تأتي في المسألة (٤٧).
ولما سبق قال النووي رحمه الله تعالى في " الاذكار ": " ويستحب له استحبابا مؤكدا أن يوصيهم باجتناب ما جرت العادة به من البدع في الجنائز، ويؤكد العهد بذلك ".
1 / 9
(٢) تلقين المحتضر
١٣ - فإذا حضره الموت، فعلى من عنده أمور: أ - أن يلقنوه الشهادة، لقوله ﷺ: " لقنوا موتا كم لا إله إلا الله، (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه) ".
وكان يقول:
" من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة "، وفي حديث آخر: " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ".
أخرجها مسلم في صحيحه، والزيادة في الحديث الأول عند ابن حبان (٧١٩ موارد) (١) ب، ج - أن يدعوا له، ولا يقولوا في حضوره إلا خيرا، لحديث أم سلمة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: " إذا حضرتم المريض أو الميت، فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " أخرجه مسلم والبيهقي (٣/ ٣٨٤) وغيرهما.
١٤ - وليس التلقين ذكر الشهادة بحضرة الميت وتسميعها إياه، بل هو أمره بأن يقولها خلافا لما يظن البعض، والدليل حديث أنس ﵁:
_________
(١) ولها شاهد من حديث معاذ بن جبل، وسنده حسن كما بينته في " إرواء الغليل " (٦٧٩) وسيأتي لفظه في علامات حسن الخاتمة " المسألة ٢٥ ".
1 / 10
" أن رسول الله ﷺ عاد رجلا من الانصار، فقال: يا خال! قل: لا إله إلا الله، فقال: أخال أم عم؟ فقال: بل خال، فقال: فخير لي أن أقول: لا إله إلا الله؟ فقال النبي ﷺ: نعم ".
أخرجه الامام أحمد (٣/ ١٥٢، ١٥٤، ٢٦٨) بإسناد صحيح على شرط مسلم.
١٥ - وأما قراءة سورة (يس) عنده، وتو جيهه نحو القبلة فلم يصح فيه حديث، بل كره سعيد بن المسيب توجيهه إليها، وقال: " أليس الميت امرأ مسلما!؟ " وعن زرعة بن عبد الرحمن أنه شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن فغشي على سعيد، فأمر أبو سلمة أن سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة. فأفاق، فقال: حولتم فراشي!؟ فقالوا نعم، فنظر إلى أبي سلمة فقال: أراه بعلمك (١)؟ فقال: أنا أمرتهم! فأمر سعيد أن يعاد فراشه.
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (٤/ ٧٦) بسند صحيح عن زرعة.
١٦ - ولا بأس في أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض الاسلام عليه، رجاء أن يسلم، لحديث أنس ﵁ قال: " كان غلام يهودي يخدم النبي ﷺ فمرض، فأتاه النبي ﷺ يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال له أطع أبا القاسم ﷺ فأسلم، فخرج النبي ﷺ وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار، (فلما مات، قال: صلوا على صاحبكم) ".
أخرجه البخاري والحاكم والبيهقي وأحمد (٣/ ١٧٥، ٢٢٧، ٢٨٠ ٢٦٠) والزيادة له في رواية.
_________
(١) الاصل: (علمك) ولعل الصواب ما أثبتنا.
1 / 11
(٣) ما على الحاضرين بعد موته
١٧ - فإذا قضى وإسلم الروح، فعليهم عدة أشياء:
أ، ب - أن يغمضوا عينيه، وبدعوا له أيضا لحديث أم سلمة قالت: " دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة، وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فان الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه ".
أخرجه مسلم وأحمد (٦/ ٢٩٧) والبيهقي (٣/ ٣٣٤) وغيرهم.
ج - أن يغطوه بثوب يستر جميع بدنه لحديث عائشة ﵂: "أن رسول الله ﷺ حين توفي سجي ببردة حبرة"
أخرجه الشيخان في صحيحهما والبيهقي (٣/ ٣٨٥) وغيرهم.
د - وهذا في غير من مات محرما، فإما المحرم، فإنه لا يغطى رأسه ووجهه لحديث ابن عباس قال: " بينما رجل واقف بعرفة، إذ وقع عن راحلته فوقصته، أو قال: فأقعصته، فقال النبي ﷺ: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين (وفي رواية: في ثوبيه) ولا تحنطوه
1 / 12
(وفي رواية: ولا تطيبوه)، ولا تخمروا رأسه (ولا وجهه)، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ".
أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " وأبو نعيم في " المستخرج " (ق ١٣٩ - ١٤٠) والبيهقي (٣/ ٣٩٠ -) وليست الزيادة عند البخاري
هـ - أن يعجلوا بتجهيزه وإخراجه إذا بان موته، لحديث أبي هريرة ﵁ مرفوعا: " أسرعوا بالجنازة .. " الحديث، وسيأتي بثمامه في الفصل (٤٧).
وفي الباب حديثان آخران أصرح من هذا، ولكنهما ضعيفان ولذلك أعرضنا عنهما.
_________
(١) أما الحديث الأول فهو عن ابن عمر مرفوعا ولفظه: " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ رأسه بفاتحة البقرة، رجليه بخاتمتها ".
أخرجه الطبراني " المعجم الكبيز " (٣/ ٢٠٨ / ٢) والخلال في " القراءة عند القبود، " (ق ٢٥/ ٢) من طريق يحي بن عبد الله بن الضحاك البابلي ثنا أيوب بن نهيك الحلبي الزهري - مولى آل سعد بن أبي وقاص - قال: سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال: سمعت ابن عمر قال: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان: الأول: البابلتي - ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ".
الثانية: شيخه أيوب بن نهيك، فانه أشد ضعفا منه، ضعفه أبو حاتم وغيره، وقال الازدي: متروك.
وقال أبو زرعة: منكر الحديث.
وساق له الحافظ في " اللسان " حديثا آخر ظاهر النكاره من طريق يحيى بن عبد الله ثنا أيوب عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا.
ثم قال: " ويحي ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا " ثم قال:! فإذا عرفت هذا فالعجب من الحافظ حيث قال في " الفتح " (٣/ ١٤٣) في حديث الطبراني هذا: " إسناده حسن "! ونقله عنه الشوكاني في " نيل الاوطار " (٣/ ٣٠٩) وقره!
وأما الهيثمي فقال " المجمع " (٣/ ٤٤).
" رواه الطبراني في الكبير، وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف ".
وفاته أن فيه أيوب بن نهيك وهو شرمنه كما سبق.
وأما الحديث الثاني فهو عن حصين بن وحوح: " أن طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبي صلى الله وسلم يعوده، فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث به الموت، فآذنوني به حتى أشهده فأصلي عليه، وعجلوه، فانه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله ".
=
1 / 13