James Wilmot .
وكانت حجته وحجة اللاحقين به في زعمه شيوع الترادف بين كتابة باكون، وكتابة شكسبير في مواضع شتى من الروايات والمقالات، وأن تربية شكسبير في صباه لا تؤهله للإحاطة بتلك المعلومات العالية، التي تزخر بها منظوماته ومنثوراته، ولا تفسر لنا كيف سافر في طلب الثقافة الفنية والعلمية إلى البلاد الإيطالية والفرنسية، وهي عادة لم تكن معهودة ولا ميسورة لغير العلية من أبناء السروات والنبلاء.
وتدفع هذه الحجة حجة مثلها في القوة أو تزيد، وفحواها أن باكون على مكانته من العلم والثقافة لم يكن ليخطئ تلك الأخطاء التاريخية، التي ترددت في مصنفات شكسبير، ومن أمثلتها ذكر الساعة الدقاقة في عهد يوليوس قيصر، واستشهاد هكتور بكلمات أرسطو وإشارة كوريولانس إلى كاتو، وغير ذلك من الأخطاء الجغرافية والتاريخية، التي لا يقع فيها المتعلمون بالجامعات.
على أنها حجة لها حجة أخرى تناقضها وتماثلها في القوة أو تزيد!
فقد وقع أدباء الجامعات فعلا في أخطاء كثيرة من هذا القبيل، وألف شاپمان العالم الأديب مترجم هومر إلى الإنجليزية مسرحية عن «متسول الإسكندرية الضرير» في زمن البطالسة، فإذا هو يذكر المسدسات والتبغ وأشجار البلاد الإنجليزية، ويجري اسم الإله أوزيريس على الألسنة متبوعا بالدعاء لله والسيد المسيح!
بل قد أخطأ باكون نفسه مثل تلك الأخطاء التي أحصيت على شكسبير، فقال في الطرائف والأجوبة: «إن تمستوكليس أصاب حين قال لملك الفرس: إن الكلام كمنسوجات أراس حين تفتح وتعرض للأنظار لترى فيها النقوش والرسوم، أما الفكر فهو كتلك المنسوجات، وهي مطوية في الصرر والكارات.»
وأين منسوجات آراس يومذاك في عهد تمستوكليس وحروب الفرس واليونان؟!
فالأخطاء التي يقع فيها المتعلمون أو غير المتعلمين لا تذهب بنا بعيدا في فض هذا الخلاف.
وكذلك تشابه الكلمات والمترادفات لا يذهب بنا إلى أبعد من ذلك الأمد، سواء نظرنا فيه إلى شكسبير وباكون أو إلى غيرهما من المعاصرين؛ لأن العصر الواحد كثيرا ما تسري فيه المصطلحات والصيغ المتشابهة حتى تتكرر بنصها في كلام عشرة من الكتاب والشعراء، ولعلنا نلمس ذلك لمسا فيما تنشره الصحف كل يوم، وما يردده المؤلفون بين حين وحين في كل كتاب.
وكل ما تقدم لا ينتهي بنا إلى الجزم بنسبة الروايات إلى باكون، أو إلى الجزم بنسبتها إلى شكسبير.
Unknown page