171

Foundations and Principles and Applications of Reflection

القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

Publisher

دار الحضارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م

Genres

٥ - قال تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)﴾ (البقرة). قال الراغب: «إن قيل: كيف قَدَّم هاهنا ذِكْر الآخرة وأَخَّره في قوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (النساء: ١٣٦)؟ قيل: يجوز أن يكون ذاك مع الواو لا يقتضي الترتيب من أجل أن الكافر لا يعرف الآخرة، ولا يُعْنَى بها، وهو (١) أبعد الأشياء عن الحقائق عنده؛ أَخَّر ذِكْره في قوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ﴾. ولما ذكر حال المؤمنين، والمؤمن أقرب الأشياء إليه أمر الآخرة، وكل ما يفعله ويتحراه يَقْصِد به وجه الله ثم أمر الآخرة؛ قَدَّم ذِكْرها؛ تنبيهًا أن مُراعاة الله ﷿، ومُراعاة الآخرة، ثم مُراعاة غيرهما. إن قيل: كيف اختير الترتيب المذكور في قوله: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾ (البقرة: ١٧٧)؟ قيل: لما كان أولى من يتفقده الإنسان بمعروفه أقاربه ... كان تقديمها أولى، ثم أعقبه باليتامى، فالناس في المكاسب ثلاثة: مُعِيل وغير مَعُول، ومَعُول مُعِيل، ومَعُول غير مُعِيل، واليتيم مَعُول غير مُعِيل، فمواساته بعد الأقارب أولى، ثم ذَكَر المساكين؛ وهم الذين لا مال لهم حاضرًا ولا غائبًا، ثم ذكر ابن السبيل الذي قد

(١) أي: اليوم الآخر.

1 / 178