وقال الشاطبي ما ملخصه: [إن سكوت الشارع عن الحكم الخاص أو تركه أمرًا وموجبه المقتضي له قائم وسببه في زمان الوحي موجود ولم يحدد فيه الشارع أمرًا زائدًا على ما كان من الدين فهذا القسم باعتبار خصوصه هو البدعة المذمومة شرعًا لأنه لما كان الموجب لشريعة الحكم موجود ثم لم يشرع كان صريحًا في أن الزائد على ما ثبت هنالك بدعة مخالفة لقصد الشارع إذ فهم من قصده الوقوف عند ما حدّ هنالك بلا زيادة ولا نقصان منه] (١).
قال الشيخ الألباني: [ومن المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادة مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله بقوله ولم يتقرب هو بها إلى الله بفعله فهي مخالفة لسنته، لأن السنة على قسمين: سنة فعلية وسنة تركية، فما تركه ﷺ من تلك العبادات فمن السنة تركها، ألا ترى مثلًا أن الأذان للعيدين ودفن الميت مع كونه ذكرًا وتعظيمًا لله ﷿ لم يجز التقرب به إلى الله ﷿، وما ذلك إلا لكونه سنة تركها رسول الله ﷺ وقد فهم هذا المعنى أصحابه ﷺ فكثر عنه التحذير من البدع تحذيرًا عامًا كما هو مذكور في موضعه حتى قال حذيفة بن اليمان ﵁: (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله ﷺ فلا تعبدوها) وقال ابن مسعود ﵁: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق)] (٢).
وقال العلامة القسطلاني: [وتركه ﷺ سنة كما أن فعله سنة فليس لنا أن نسوي بين فعله وتركه فنأتي من القول في الموضع الذي تركه بنظير ما أتى به في الموضع الذي فعله] (٣).
(١) الاعتصام ١/ ٣٦١.
(٢) حجة النبي ﷺ ص ١٠٠ - ١٠١.
(٣) الإبداع ص ٣٦.