Fiqh al-Seerah by Al-Ghazali

Muhammad al-Ghazali d. 1416 AH
162

Fiqh al-Seerah by Al-Ghazali

فقه السيرة للغزالي

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٧ هـ

Publisher Location

دمشق

Genres

وهجرة رسول الله ﷺ من مكة إلى المدينة جرت على هذا الغرار، فقد استبقى رسول الله ﷺ معه عليّا وأبا بكر، وأذن لسائر المؤمنين بتقدّمه إلى المدينة. فأما أبو بكر ﵁ فإن الرسول ﷺ قال له حين استأذنه ليهاجر: «لا تعجل، لعلّ الله أن يجعل لك صاحبا» «١» . وأحسّ أبو بكر ﵁ كأنّ الرسول ﷺ يعني نفسه بهذا الرد!. فابتاع راحلتين فحبسهما في داره، يعلفهما إعدادا لذلك. وأما عليّ ﵁ فإنّ الرسول ﷺ هيأه لدور خاص، يؤديه في هذه المغامرة المحفوفة بالأخطار!. قال ابن إسحاق: فحدّثني من لا أتّهم عن عروة بن الزبير، عن عائشة، أنها قالت: كان لا يخطئ رسول الله ﷺ أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار: إما بكرة، وإما عشيا، حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله ﷺ بالهاجرة، في ساعة كان لا يأتي فيها، قالت: فلمّا راه أبو بكر، قال: ما جاء رسول الله ﷺ في هذه الساعة إلا لأمر حدث، فلمّا دخل، تأخّر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله ﷺ، وليس عند رسول الله أحد إلا أنا وأختي أسماء، فقال رسول الله ﷺ: «أخرج عني من عندك»، قال: يا رسول الله! إنما هما ابنتاي، وما ذاك- فداك أبي وأمي-؟. قال: «إنّ الله أذن لي بالخروج والهجرة»، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله؟ قال: «الصحبة» . قالت عائشة: فو الله ما شعرت قطّ قبل ذلك اليوم أنّ أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي!!.

(١) رواه ابن إسحاق: ٢/ ٢، بدون إسناد، لكن معناه فيما أخرجه البخاري: ٧/ ١٨٣- ١٩٧، من حديث عائشة الطويل في الهجرة، بلفظ: «وتجهز أبو بكر قبل المدينة فقال رسول الله ﷺ: «على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي»، فقال أبو بكر: هل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: «نعم» . فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ﷺ ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر- وهو الخبط- أربعة أشهر»، ورواه أحمد أيضا: ٦/ ١٩٨، ثم وجدت له شاهدا من حديث ابن عمر بلفظ: الكتاب، رواه الطبراني بسند، قال الهيثمي ٦/ ٦٢: «فيه عبد الرحمن بن بشر الدمشقي، ضعفه أبو حاتم» .

1 / 172