النار ". الحديث رواه الأربعة والحاكم وصححه. ونحن نضرع إلى الله أن
يوجد بين علماء المسلمين من هذه حاله وصفته قال شيخ الإسلام ابن
تيميه ﵀ (١): (فالمفتي والجندي والعامي إذا تكلموا بالشيء بحسب
اجتهادهم اجتهادًا أو تقليدًا - قاصدين لاتباع الرسول بمبلغ علمهم لا
يستحقون العقوبة بإجماع المسلمين وإن كانوا قد أخطئوا خطأً مجمعًا
عليه، وإذا قالوا إنا قلنا الحق واستدلوا بالأدلة الشرعية لم يكن لأحد من
الحكام أن يلزمهم بمجرد قوله ولا يحكم بأن الذي قاله هو الحق دون
قولهم.. كالمسائل التي تقع يتنازع فيها أهل المذاهب لا يقول أحد أنه
يجب على صاحب مذهب أن يتبع مذهب غيره لكونه حاكمًا فإن هذا
ينقلب فقد يصير الآخر حاكمًا فيحكم بأن قوله هو الصواب إلى آخر كلامه
رحمه الله تعالى.
هـ - أما وجود قضيتين متماثلتين واختلاف حكمهما فيقال إنه يكون
هناك قضيتان متماثلتان ظاهرًا لا عند قاضيين فحسب، بل عند قاضٍ واحد
فيختلف الحكم فيهما اختلافًا جوهريًا عكسيًا فيبدوا لمن هو بعيد عن
مجرى تلك الحكومتين أن هذا من الظلم لكن من تذوق القضاء وتروى
بمعرفة ملابسات الخصومات وما يحيط بها أبدى التوقف عند ذلك. إذ لا
تكون القضيتان متماثلتين من كل وجه، بل يكون توفر في هذه من الوجوه
والدلائل ما يقضي بأن يكون حكمها على خلاف تلك القضية التي يظن
مشابهتها بها من كل وجه. وخلاصة ما يظن منه وجود تضارب في القضاء
هو منحصر في واحد من الوجوه الأربعة التالية:
١- قضيتان مماثلتان في الظاهر لكن أحاط بكل واحدة منهما ما
_________
(١) مجموع الفتاوى، ٢٥ / ٣٧٩.