Fiqh al-daʿwa fī Ṣaḥīḥ al-Imām al-Bukhārī
فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
Publisher
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢١ هـ
Genres
عشر سنين ثم مع طول السنين ومباشرة الخدمة لم يقل له النبي ﷺ: قط لِمَ فعلت هذا هكذا، ولا لِمَ لَمْ تفعل. .؟ " (١).
فعلى الداعية أن يتصف بحسن الخلق؛ فإن النبي ﷺ بعثه الله تعالى ليتمم مكارم الأخلاق كما قال ﷺ: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (٢) ومما يدل على أهمية حسن الخلق للداعية أن الله تعالى أمر به إمام الدعاة وقائدهم محمدا ﷺ، وأثنى عليه به، قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩] (٣) وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤] (٤) وسئلت عائشة ﵂ عن خلقه فقالت: ". . . «فإن خلق نبيكم ﷺ كان القرآن» (٥) وهذا يحث الداعية على أن يسأل الله تعالى أن يرزقه الخلق الحسن؛ فإن النبي ﷺ كان يقول: ". . . «واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت». . . " (٦).
ثانيا: من أدب الداعية: ترك العتاب على ما فات استئلافا للمدعو: من الأمور المهمة للداعية أن لا يلوم ولا يعاتب أحدا على ما فات، وخاصة في أمور الدنيا التي لا إثم في تركها؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر ﵀: " ويستفاد من هذا ترك العتاب على ما فات؛ لأن هناك مندوحة عنه باستئناف الأمر به إذا احتيج إليه، وفائدة تنزيه اللسان عن الزجر والذم واستئلاف خاطر الخادم بترك معاتبته، وكل ذلك في الأمور التي تتعلق بحظ الإنسان، وأما الأمور اللازمة شرعا فلا يتسامح فيها؛ لأنها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (٧).
فعلى الداعية أن لا يعاتب لحظ نفسه ولا لأجل الدنيا، بل عليه أن يعفو ويصفح كما فعل النبي ﷺ مع أنس ﵁.
(١) بهجة النفوس ٣/ ٩٨.
(٢) البيهقي في السنن الكبرى بلفظه ١٠/ ١٩٢، وأحمد ٢/ ٣٨١، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٢/ ٦١٣، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ١/ ٧٥ برقم ٤٥.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٩٩.
(٤) سورة القلم، الآية: ٤.
(٥) مسلم، في كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض ١/ ٥١٣ برقم ٧٤٦.
(٦) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، ١/ ٥٣٥ برقم ٧٧١.
(٧) فتح الباري ١٠/ ٤٦٠، وانظر: إكمال إكمال المعلم للأبي، ٨/ ٤٣.
1 / 139