الباب السادس عشر وهو باب جامع لمعان غريبة ومنافع جسيمة من معرفة المياه والآبار واختزان الثمار وغير ذلك مما لا يستغنى عن معرفتها اهل الفلاحة اذ هى من تمام اعمالها واستكمال فايدتها
العمل فى دفع مضار الحيوان المتولد فى البساتين وغيرها كعروق الارض وما اشبهها: ووجه الحيلة فى ذلك انها اذا قطعت الارض احواضا عند ما يراد زراعتها على ما ذكرناه فى باب الزراعة والغرس قبل هذا عمدت الى رماد الحمام ففرشت على وجه الارض منه فرشة نحو غلظ الاصبع ثم يكون الزبل فوق هذا الرماد ثم تزرع الزريعة فى الاحواض على ما تقدم، فان الحيوان المذكور اذا خرج من الارض يريد النبات وجد الرماد فيهرب ويرتدع فيكون الرماد حجابا بين النبات والحيوان المضر ان شاء الله
فصل: ومن اراد استجلاب اعشاب البرية الى جنانه مثل السيكران والضومران وسائر ذلك مما ينتفع به، فينبغى ان ترقبها حتى تطيب وتسقط زريعتها فيجمعها عند ذلك فيملكها عند نفسه فان زرعتها فى الزمان الذى تسقط فهو موافق لها، وان شاء تركها الى الوقت الذى تنبت فيه فى موضعها وان شاء زرعها قبل فصل الربيع بثلاثين يوما، هذا اذا كان النبات من الحشيش الذى لا يقوم من النوى واما الذى يقوم من النوى فله وقت معروف وهو الوقت الذى يطيب فيه ويحين اكله ان كان مما يوكل يزرع ذلك الوقت لا يخالف به الى غيره وينبغى ان ينظر الى الارض التى توخذ منها هذه الحشائش ان كانت ارضا خشنة او مدمنة او رملة او مضرسة او اى صفة هى، فتزرعها فى مثل تلك الارض او تخص مثل ذلك التراب الذى كانت فيه ومتى لم تفعل ذلك لم تنجب وتنقطع فى مدة يسيرة وكذلك يفعل اذا اراد ان يعلم ما يوافقه من الغذاء فانه ينظر الى موضع النبات الذى نبت فيه، فان كانت ارضا ممرجة او سبخة او كانت فى جبل رطب كثير الماء او ارض صحراوية وينظر الى النبات كيف كانت نجابته ذلك العام من قلة الماء او كثرته ويعمل على حسب ذلك، واما زراريع البرية المجهولة فينبغى ان تحضر لها القصارى وتجعل فى كل قصرية منها صنفا من التراب فياخذ من تلك الزريعة ويبدأ بزراعتها فى شهر يناير ويجعل منها فى كل قصرية شيئا يسيرا وكذلك يفعل فى شهر فبراير ومارس وابريل وهو آخر وقتها، فبهذا العمل يعلم الشهر الذى يوافقه والمكان الذى يشاكله ويجعل القصارى للهواء فان كان الربيع كثيرا [كثير] المطر ذلك العام لم يحتج الى سقى، وان كان قليل المطر سقيت القصارى بالماء فانها لا يضرها طول مقامها تحت الارض، فاذا نبتت الزريعة واعتدل نباتها فحينئذ يضرها الماء الكثير فيرد سقيه الى مرتين فى الجمعة ان رأى ان ذلك يضر بها خفف السقى وردة [ورده؟] الى مرة فى الجمعة.
Page 173