Fikar Wa Mabahith
فكر ومباحث
Publisher
مكتبة المنارة للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
Publisher Location
مكة المكرمة
Genres
وكقولهم فيمن غسل يديه بأشنان، إنه اليأس من الشيء يطلبه، لقول الناس لمن يئسوا منه: قد غسلت يدي منك بأشنان، قال الشاعر:
فاغسل يديك بأشنان وأنقهما ... غسل الجنابة من معروف عثمان
وكقولهم في الكبش ... إلخ.
وأما التأويل بالضد والمقلوب فكقولهم في البكاء إنه فرح ما لم يكن معه رنَّة ولا صوت، وفي الفرح والضحك إنه حزن ... إلخ.
وأما تعبير الرؤيا بالزيادة والنقص فكقولهم ... إلخ.
وقد تتغير الرؤيا عن أصلها باختلاف هيئات الناس وصناعاتهم وأقدارهم وأديانهم، فتكون لواحد رحمة، وعلى الآخر عذابًا ... إلخ. حدثنا محمد ... إلخ. قال: آخى رسول الله ﷺ بين سلمان وأبي بكر، فرأى سلمان لأبي بكر رؤيا فجانبه وأعرض عنه، فقال له أبو بكر: أي أخي! ما لك قد أعرضت عني وجانبتني؟ قال: رأيت كأن يديك جمعتا إلى عنقك، فقال أبو بكر: الله أكبر! جمعت يداي عن الشرِّ إلى يوم القيامة.
حدثني محمد عن ... عن ... عن عطاء، قال: كان محمد بن سيرين يقول في الرجل يرى له أنه يخطب على منبر: إن كان ممن ينبغي له السلطان أصاب سلطانًا. وإلا فإنه يصلب. شبَّه الجذع بالمنبر. وقال الرشيد ليزيد بن مزيد: ما أكثر الخلفاء في ربيعة! قال: نعم، ولكن منابرهم الجذوع ... إلخ.
ومن عجب الرؤيا أن الرجل يكون مفحمًا لا يقدر على أن يقول بيت شعر، أو بكيًّا يتعذر عليه القليل منه إلا في المدة الطويلة، مع إعمال الفكر، وإنعام الروية، فينشد في المنام الشعر الجيد لم يسمع به قط فيحفظه أو يحفظ منه البيت أو البيتين، ويكون عيِيًّا أو أعجميًا، فيتكلم بالكلمة من الحكمة البليغة ويوعظ بالموعظة الحسنة، ويخاطب بالكلام البليغ الوجيز الذي لا يستطيع أن يتكلَّف مثله في اليقظة بعرق الجبين، وهذا من أدلِّ الدلائل على اللطيف الخبير.
1 / 190