فقالت بلهجة المستغرب: «هل كنت تريد أن أتقبل معونته ولا أشكره على الأقل»؟
فترك هذا وقال: «ولماذا تخرجين إلى هذا المكان وحدك»؟
قالت: «لأنك مشغول عنى بأعمالك الكثيرة التى لا تدع لك وقتا لمرافقتى.. ومع ذلك أى بأس هناك»؟
قال: «بأس؟ بأس؟ هذا الذى حدث لك من غوص العجلة أليس بأسا»؟
قالت: «لا تكن متعنتا.. إن السيارات يمكن أن يحصل له أى شىء فى أى مكان فى الدنيا». فترك هذا أيضا وقال: «ولكن تأتين معه إلى الحاتى.. ماذا يقول الناس»؟
فقالت: «إذا كان الحاتى مكانا لا يليق أن يدخله الشريف..».
فقاطعها بسرعة، وقال: «لست أقول هذا.. الأمر على العكس».
قالت: «اذن انتهينا».
فسكت، فما رأى حجة له تنهض. وساءه ذلك فقد كان شديد الاعتداد بنفسه، وكان عظيم الطموح واسع الأمل فى المنازل الملحوظة.. فلم يسره أن الفتاة التى سيتزوجها تقرع حجته بأقوى منها، وأحس أن فى هذا تنقصا له وغضا من مقامه وسقوطا لهيبته، ولكن الكلام خانه فآثر السكوت على مضض.
وكان زكى - أو إذا أردت اسمه كله زكى الدين حمد - من أصل تركى أو شركسى - سيان - وكان يطمع أن يبلغ بماله الموروث حيث لم يستطع أن يبلغ بالكفاية الشخصية. وكان أمله الذى لا ينفك يحلم به فى اليقظة والمنام أن يصبح يوما من أعضاء البرلمان، ومن أجل هذا كان يتقرب إلى الزعماء السياسيين بوسائل شتى.. وكان يعنيه جدا أن يحسن رأيهم فيه وظنهم به ... وكان يحرص على المركز المأمول، ويحيط نفسه سلفا بكل مظاهر الأبهة والسمت والوقار، وينظر إلى الأمر كله كأنه واقع. وينتظر من الناس أن يعدوه كذلك، بل أن يبالغوا ويروحوا يمدون بصرهم إلى المستقبل، وأن يخالوه كما يتخيل نفسه فيه وزيرا أو رئيس وزارة.
Unknown page