Fi Suhba Wa Sahaba
مع الشيخ عبد الله السعد في الصحبة والصحابة
Genres
أما ما ذكره ابن كثير من أن ترك القتال كان خيرا من فعله فهو مردود بأمر الله عز وجل بقتال الفئة الباغية، قال تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}[الحجرات: 9].
فالله لم يقل: (فاعتزلوا) وإنما قال: {فقاتلوا التي تبغي} } وقد ثبت بالنص المتواتر أن فئة معاوية باغية فوجب قتالها، ولولم يقاتلهم علي لترك أمرا شرعيا ولأصبح من سنة الخلفاء الراشدين أن الباغي لا يقاتل.
أما الحسن بن علي فقد كان مضطرا للصلح مع معاوية لتفرق جيشه وطعنهم له ومكاتبتهم خصمه ولم يثبت معه إلا القليل من المخلصين كبقية الصحابة وبعض كبار التابعين الصالحين، أما القبائل وأصحاب الدرهم والدينار فقد كاتبوا معاوية واتفق رؤساء العشائر معه... فكان عمل الصلح أولى من فعله في هذه الحالة ولذلك جاء الحديث إن صح في مدح صلح الحسن مع أن الأقرب في الحديث أنه مرسل لا يصح وإن دندن حوله النواصب ليس حبا في الحسن ولا في صلحه ولكن طعنا في الإمام علي وحربه للبغاة.
ولا ريب أن قتال علي للبغاة مقدم على صلح الحسن معهم، لأن حرب علي للبغاة معه فيه الحق في أحاديث متواترة صريحة الدلالة بينما صلح الحسن لو فعله مع القدرة على قتال البغاة لكان مخطئا لأنه بهذا يكون قد جعل شرعية للملك العضوض الذي ذمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويكون قد ساهم في إنهاء الخلافة الراشدة التي مدحها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن الحسن كان مضطرا لذلك. ثم ليس في مدح الصلح إلا حديث فرد مختلف فيه لاختلاف المحدثين في سماع الحسن من أبي بكرة مطلقا أم لا؟ ثم اختلافهم هل سمع هذا الحديث من أبي بكرة أم لا؟ وسيأتي أن شطر الحديث الأخير ضعيف لا يصح مرفوعا وإنما هو مدرج من كلام أبي بكرة.
Page 143