180

Fi Sabil Islah

في سبيل الإصلاح

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

المشاكل المالية: أولها هذا (الجهاز) فكم ثار من أجله من خلاف، وكم هد من أسر، وكم أصاب من بلايا ... يتنافس القوم من أجله في إغلاء المهور حتى تبلغ المئات من الجنيهات، فتبور سوق الزواج، وتكسد البنات، ثم إذا كتب الله على الزوج أن يدفع هذا المهر الفاحش، لم يكن دفعه غنمًا للأب ولا لفتاته، لأن عليه أن يدفع مثل ما دفع الزوج أو قريبًا منه، ثم يشتري بذلك كله أثاثًا ومتاعًا وما شئت من الخُرْثي (١) الذي لا ينفع في دنيا ولا آخرة، فمن خزانة محفورة منزّل فيها أدق الأصداف ثمنها سبعون جنيهًا، ومن مقاعد وأرائك على نحوها ثمنها مائتان لكنها لا تقيم على الاستعمال عامًا واحدًا، ومن ستائر للنوافذ ثمن إحداهنَّ عشرة جنيهات؛ ومن أوان فضية وقوارير (كولونية) تصف على المناضد صفًا، كصف الجند ثم لا تفتح أبدًا، والمناضد (نسيت المناضد) وثمن إحداهنَّ عشرات الجنيهات، وغير ذلك مما لا أعرفه ولا أذكر اسمه وإن كنت قد رأيته في دور الحمقى والمغفلين ... ولقد عرفت شابًا مستور الحال أراد الزواج فطلبوا منه أربعمائة دينار ذهبي، فباع دارًا كانت لأبيه، وأعدَّ لمهر، فسلمه إلى أم الزوجة، وضمت إليه أمها ثلاثمائة من عندها لتشتري بها جميعًا (جهازًا) لابنتها، فلما بلغه ذلك طار عقله وذهب يقنع أم الفتاة أن تشتري لها بذلك دارًا (عمارة) يكون لها ملكها وريعها وتبقى على الدهر، فقبلت ومرت أيام فبلغه أنها قد عدلت عن ذلك وأنفقت المال كله في الجهاز ... فسألها عن السبب فإذا السبب أن البنت بكت وقالت: هل أنا دون ابنة فلان، وقد جهزوها بكذا ..؟؟ قالت الأم: «فقطع قلبي بكاؤها، فلم يسعني إلا أن أفعل ما تريد ...». وتم العقد واستأجر الزوج دارًا فخمة (على نسبة الجهاز) فلم تمض إلا شهور حتى ركبه الدين، فاضطر إلى استئجار دار تليق به، ويحتملها مرتبه،

(١) الخرثي: المتاع الذي لا فائدة فيه.

1 / 183