تعود إليه فتجده وقد خلع نقابه، وعادت إليه استدارته الكاملة، فتمسكه بقبضتها وتحكمها عليه، تعود إلى البائع الذي يشاركها نصرها، فتختاره، وفي طريقها تتباطأ خطواتها بوقع اللذة. «جبت الحاجة كلها؟» تنتبه إلى صوت أمها، فتسلمها أشياءها ونقودها، وطعم القرمشة ما يزال يداعب روحها.
رسالة
تتابع بلهفة وميض شاشة الحاسوب، تعدل من وضع مقعدها في هذا المكان الذي اختارته بعناية بعيدا عن أعين المتلصصين.
تخاطب ساعتها: خمس دقائق فقط ويحين موعدهما. ترى أسيكون في انتظارها أم سيلتزم بالموعد كعهده معها منذ عرفته؟
في عقلها تزدحم عشرات الأسئلة وعلامات الاستفهام التي صرعتها طوال اليومين الماضيين، منذ آخر محادثة بينهما، حينما أبلغها في نهايتها بأنه سيخبرها المرة القادمة بأمر مهم يشغله ويريد مشاركتها فيه.
لم تنفع معه عبارات الاستجداء، هو الملتزم جدا، والجاد جدا، هذا الالتزام الذي جعلها ترتب أمور حياتها وفقا لموعديه الأسبوعيين اللذين حرص منذ تعارفهما على الالتزام بهما، رافضا كل الأعذار لتغييرهما، حتى إنها طوعت حياتها وتراتيبها وفقا لهما، وله.
أسئلة عديدة: هل سيطلب أخيرا مقابلتها، بعد لقاءات «أثيرية» دامت ستة شهور؟ أم سيطلب أن يطبع تقاربهما بالنهاية التي طالما تمنتها؟ هل أفلحت إشاراتها الخفية في أحاديثها معه عن مكانته، وإطلاعه على مشاكلها وأحداث يومها المعتادة؟
أتعبت عقلها وروحها كثرة الأسئلة، وفشلت محاولات التهدئة الزائفة في إقناع نفسها بأنه ربما سيكون حديثه لشأن آخر لا يخصها.
أخيرا استكمل الجهاز استعدادته، وذيلت الصفحة بطلب كلمة السر لبريدها الإلكتروني، التي غيرتها منذ فترة لتكون حروف لقبهما سويا على برنامج المحادثة الذي جمع بينهما، وتاريخ أول لقاء.
ما إن انفتحت صفحتها الخاصة حتى ومضت الصفحة بإشعار عن رسالة باسمه، دق قلبها وتساءلت: هل سيعتذر أم إنها مجرد تحية منه كما يفعل أحيانا، فلا يترك للوقت فرصة مداواة اشتياقها له؟ لامت نفسها لأنها لم تتابع بريدها الإلكتروني خلال اليومين الأخيرين.
Unknown page