ومرتبة ومكررة في أسلوب هندسي أساسه التوافق والتناظر.
الزخارف الخطية
وهي حقا ميزة من ميزات الفنون الإسلامية؛ فإن الكتابات المرقومة على الأبنية والتحف المختلفة ليس المقصود بها دائما إثبات اسم صاحب التحفة، أو مؤسس البناء وتاريخه، أو التبرك ببعض الآيات القرآنية الكريمة، أو ببعض العبارات المألوفة، بل إن الفنانين المسلمين اتخذوا الكتابة عنصرا حقيقيا من عناصر الزخرفة، فعملوا على رشاقة الحروف، وتناسق أجزائها، وتزيين سيقانها ورءوسها ومداتها وأقواسها بالفروع النباتية والوريدات (شكلي
4-12
و
4-13 ). والمعروف أن الخط العربي قسمان: خط كوفي يمتاز بزواياه القائمة، وقد كان مستخدما حتى آخر القرن الثاني عشر على المباني وفي المصاحف، ثم الخط النسخي العادي. وقد كان الخط الكوفي بسيطا في أول أمره، ثم تطور في سبيل الرشاقة منذ القرن التاسع الميلادي، ودخلته الزخارف النباتية المتفرعة والمتشابكة فسمي الخط الكوفي المزهر، ثم أصبحت الحروف في القرن الحادي عشر أنيقة على أرضية من الزهور والأغصان، حتى جاء النصف الثاني من القرن الثاني عشر وبدأ الخط النسخي يستخدم على الأبنية وفي المناسبات الرسمية بدلا من الخط الكوفي، وقد كان الخط النسخي قبل ذلك غير مستخدم إلا في المخطوطات العادية. وليس الخط النسخي أحدث من الخط الكوفي؛ لأن الواقع أنهما كانا معروفين في القرن السابع الميلادي، غير أن الخط الكوفي كان شائعا في الكتابات على الأحجار والنقود وفي المصاحف، بينما النسخي كان مستخدما فيما عدا ذلك.
شكل 4-12: صورة تمثل تطور الخط الكوفي والعناصر الزخرفية فيه، وذلك على بعض العمائر في إفريقية (نقلا عن مارسيه).
ولم يكن استخدام الخط في الزخرفة قاصرا على أشرطة الكتابة الكوفية أو النسخة على الأبنية، أو على التحف من خزف ومعدن وخشب وعاج ونسيج ومخطوطات فحسب، بل كان الفنانون المسلمون يبدعون في كتابة العبارات بالخط الكوفي المتداخل، بحيث تظهر العبارة على شكل مربع أو مستطيل، كما كانوا يكتبون العبارة أو الكلمة بالخط النسخي أو بغيره على شكل حيوان أو طائر.
شكل 4-13: مثال من الزخارف الخطية على قطعة من نسيج إيرانية ترجع إلى القرن الثاني عشر ، ونص العبارة المكتوبة: «وفي القبر وحدتي وفي اللحد وحشتي» (عن فييت).
وكان تصوير المخطوطات وتحليتها بالرسوم الملونة أمرا ثانويا بالنسبة إلى كتابتها بالخط الجميل، وكان الهواة - كما ذكرنا - يقدرون فن الخطاطين أحسن تقدير، فكانوا يبذلون الأموال الطائلة في سبيل الحصول على منتجاتهم، كما يدفع الأوروبيون الآن الأثمان العالية للحصول على لوحات مشاهير المصورين.
Unknown page