349

Fī al-adab al-ḥadīth

في الأدب الحديث

Genres

ظلت المدارس المصرية خاضعة لهذه السيطرة الأجنبية حتى تولى سعد زغلول وزارة المعارف في سنة 1906، ونازع المستشار الإنجليزي "دانلوب" في سطوته وجبروته، وألزمه حده لا يتعداه، وذلك بتشجيع الجمعية التشريعية التي # أصرت على إرجاع اللغة العربية، وعمل جاهدا على غسل هذه الوصمة، والرجوع بلغة التدريس إلى اللغة العربية، فكان لها ما أرادت، وكانت حسنة لا تنسى له وللجمعية التشريعية؛ لأنها أعادت التيار إلى مجراه القديم، وأخذ العلم الحديث يتدفق في هذا المجرى كتبا طريفة التأليف، بارعة العرض, جذابة الأسلوب, وسار نهر العربية زخارا صوب الكمال حتى يومنا هذا.

وبقي درس اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي درسا أصيلا في المدراس، يقف منه الشباب على لون من التفكير الأوروبي، وكان لهذا أثره العميق في التفكير العربي والنتاج الأدبي فيما بعد، وسنعود إلى هذا الموضوع بشيء من التفصيل في مقدمة الجزء الثاني إن شاء الله.# ب-

المستشرقون

:

ومن أهم العوامل في النهضة الأدبية الحديثة, والاتصال بالفكر الأوربي بجانب الترجمة, ما قام به

المستشرقون

من جهد في سبيل اللغة العربية وآدابها, وبحث العقيدة الإسلامية ومذاهبها، ونشر ما عفت عليه الدهور، وأغفلته يد النسيان من كنوز اللغة العربية.

اتصل الغرب بالمشرق بادئ الأمر حينما كان الشرق في عنفوان صولته، وقمة مجده, يغص بالمدارس الجامعة، ويزخر بالكتب الثمينة، ويشمخ بعلمائه وفلاسفته ورياضييه، وكانت أوربا لا تزال في سنة من النوم, حينما فرغ الشرق أو كاد من يقظته الطويلة وجهاده العنيف في سبيل العلم والمدينة، ولما استيقظت أوربا قليلا، تلفتت فوجدت شعبا غريبا يعمر جزءا خصبا من قارتها، وقد أحاله جنة فينانة ترف فيها العلوم والفنون والآداب، فتطلع أهله إلى الأندلس منذ ذلك الحين، يرمقونها بعيون دهشة، وأفواه فاغرة، وبودهم أن يعرفوا بعض ما عليه أهلها من علم.

Page 373