309

Fi Adab Hadith

في الأدب الحديث

Genres

استطاع النديم في جريدة "الأستاذ" أن ينبه الأفكار إلى موضوعات حيوية, وأن يجادل ويناقش ويثير العقول ويخلق الرأي العام, ويدعو زعماء الثورة العرابية الذين أذلهم الاحتلال، وغلبهم الخوف منه إلى البروز والعمل في سبيل مصر، ويدعو إلى تأليف الأحزاب حتى يكون لكل جريدة حزبها الذي تنافح عنه، ولكل حزب منهجه في الإصلاح، وقد وقف من الأجانب بعامة ومن الإنجليز بخاصة موقفا صريحا لا لبس فيه ولا غموض، أما الإنجليز: فهو عدوهم اللدود، ويصورهم صورا منكرة، ويدعو الشعب لتأييد توفيق والالتفاف حوله، وأما سواهم من المرتزقة الذين هاجروا في سبيل القوت أو الثروة, فينصح بعدم الأمان لهم، وبالبعد عنهم، إلا إذا برهنت التجربة على إخلاصهم "فعليك بمن إذا حلت المصائب وآب النازحون إلى مقارهم فرارا من مشاركتك في هموك كان قسيمك # في النكبات، يتناول معك حمل الخطوب، ويحملك إذا ضعفت, ويبرك إذا احتجت، ويعودك إذا مرضت، وينصرك إذا خذلت، ويدفع معك عدوا يحاربك، ويحفظ معك وطنا لزمته، ويصون لك عرضا تبذل الروح في حمياته، والجمهرة من الأجانب في نظره متسولون؛ إذا أعطيتهم مدحوك، وهم يمدحونك طالما يجدون عندك نفعا" ومن كانت هذه صفته يصدفه عنك الغير بلقمة يريدها، فإذا زاده دينارا على أن يقذفك ويهجوك أضحك الناس بما يفتريه عليك".

الحق أن النديم في "الأستاذ" كان معلما جليلا للوطنية المتطرفة كما يفهمها جيله، وكان مخلصا في نصحه، وثابتا على مبدئه منذ الثورة واندلاعها, لم يلن للخطوب, أو يطأطيء الرأس لعدو؛ فكان أكبر مثل يحتذيه الزعماء من بعد.

4- وله رسائل أدبية، ومقالات في موضوعات شتى, احتفي بأسلوبها احتفاء زائدا, وقد جمع منها أحمد سمير في سلافة النديم مقدارا صالحا للحكم عليها من حيث منزلتها الأدبية؛ فمن ذلك رسالة: "لواء النصر في أدباء العصر" وفيها يصف من تعرف عليهم من أدباء مصر أمثال: البارودي, وصفوت الساعاتي، وعبد العزيز حافظ، وعبد الله فكري, وسواهم.

ومنها رسالة: "التنور المسجور" في المفاخرة بين السفينة و"الوابور"، ومنها الرسائل المتبادلة بينه وبين بعض الأدباء في أمور خاصة.

أسلوبه:

1- التزم عبد الله نديم في مطلع حياته الأدبية ذلك الأسلوب المسجوع المتكلف، يكثر فيه من ألوان البديع ولا سيما الجناس، ويظهر فيه مهارته اللغوية, وقدرته على تأليف الكلام، في جمل قصيرة الفواصل، كثيرة المترادفات, ويعمد في أغلب الأحيان إلى الخيال والمبالغات المرذولة، وأحيانا يأتي يجمل لا معنى لها, ولكن اقتضاها السجع, مثل قوله في مطلع رسالته يصف كلامه:

"حديقة معاني، ونادي مغاني، وبستان أفكار" فهذه جمل مترادفة، والجملة الوسطى لا معنى لها.

Page 330