المادة الأولى في النص الأول: «يتعهد صاحب الجلالة البريطانية بأن يمد العراق بما يلزم من المشورة والمساعدة خلال مدة المعاهدة.»
ويتلو هذا في النص الثاني: «دون أن يضر بسيادته الوطنية.» ولكن المادة العاشرة تذهب بكل ما هو مقصود في هذه العبارة من الاحتياط. وهاك نص المادة العاشرة في المعاهدتين: «يتعهد الفريقان المتعاقدان أن يقررا في اتفاق خاص منفرد ما يراه صاحب الجلالة البريطانية لازما في العراق من عقود أو اتفاقات أو امتيازات، ويتعهد ملك العراق بالحصول على ما يلزم من التشريع لتنفيذ هذه الاتفاقات.»
المادة 16 في النص المنبوذ: «يتعهد صاحب الجلالة البريطانية بقدر ما تسمح واجبات الملك، بألا يعارض في أي اتفاق جمركي أو سواه يعقده العراق والحكومات العربية الأخرى.»
المادة 19 في النص المنفذ: «يتعهد صاحب الجلالة البريطانية، بقدر ما يتناسب وعلاقاته الدولية بألا يعارض ... إلخ.»
أنت ترى أن في النص الأول تنحصر الجملة الاحتياطية بالدولة البريطانية، وفي النص الثاني تنبسط حتى تعم الدول كلها، فأين منها سيادة العراق الوطنية واستقلاله الاقتصادي؟! فهو في النص المنبوذ أقل تقييدا منه في النص المنفذ. والاثنان يعللانه، بدل أن يتعهدا له، بحريته في عقد الاتفاقات والمعاهدات الجمركية.
أما التعديل الذي أدخل على مادتي 11 و14، فلا تذبذب فيه ولا مراوغة، هو صريح جلي قويم، ولا عجب؛ فالحكومة التي طلبته وأصرت عليه ليست بحكومة العراق؛ بل هي حكومة الرأسمالية والديمقراطية - مهد مناقضات الزمان - هي الحكومة التي كانت تفرض مشيئتها وقتئذ على العالم الاقتصادي والمالي، هي الحكومة التي رفضت أن تنضم إلى عصبة الأمم، وما رفضت أن تشارك بالمنافع والحقوق التي لأعضائها.
نقول نحن العرب: وما ظالم إلا ويبلى بأظلم. سألت يومئذ قنصل ذاك «الأظلم» رأيه في السر برسي كوكس، فأجاب بكلمة واحدة: «فوكسي.»
3
وبعد أيام، إذ كان قد قدم مطالب حكومته إلى دار الانتداب ونالها، قال لي يصف السر برسي: «إن في سياسته كثيرا من الزيت.»
4
Unknown page