Faylasuf Carab Wa Mucallim Thani
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Genres
كان ابن تيمية قويا في تفكيره وفي جدله بما راض عقله على العلوم التعليمية من الحساب والجبر والمقابلة والفرائض، والعلوم العقلية من الفلسفة والكلام وأصول الفقه، يقول الذهبي في حديثه عن ابن تيمية: «وحفظ الحديث ورجاله وصحته وسقمه فما يلحق فيه، وأما نقله للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين فضلا عن المذاهب الأربعة فليس له فيه نظير. وأما معرفته بالملل والنحل فلا أعلم له فيها نظيرا، ويدري جملة صالحة من اللغة، وعربيته قوية جدا، ومعرفته بالتفسير والتاريخ فعجب عجيب.»
وإذا كان للعلوم الفلسفية أثرها في تفكير شيخ الإسلام ابن تيمية، فإن تفكيره أحيانا لا يستوفي التمحيص الفلسفي. ومن أمثلة ذلك ما يذكره في كتاب «الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان»:
فإني أعرف من تخاطبه النباتات بما فيها من المنافع، وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها، وأعرف من يخاطبهم الحجر والشجر وتقول: هنيئا لك يا ولي الله فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك. وأعرف من يقصد صيد الطير فتخاطبه العصافير وغيرها وتقول: خذني حتى يأكلني الفقراء، ويكون الشيطان قد دخل فيها كما يدخل في الإنس ويخاطبه بذلك. ومنهم من يكون في البيت وهو مغلق فيرى نفسه خارجه وهو لم يفتح وبالعكس، وكذلك أبواب المدينة، وتكون الجن قد أدخلته أو أخرجته بسرعة ... وهذا باب واسع لو ذكرت ما أعرفه منه لاحتاج إلى مجلد كبير.
ولابن تيمية في بعض الأحايين تسامح في أمر الخلافات الدينية يتسع لحرية التفكير خير اتساع، ثم تدركه حدة الجدل فينقض من حرية التفكير ما بنى.
يقول في رسالته - قاعدة أهل السنة والجماعة: «ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة، فإن الله تعالى قال:
آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ، وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى أجاب هنا الدعاء وغفر للمؤمنين خطأهم.
حتى إذا عرض للرد على القائلين: بوحدة الوجود من متصوفة الإسلام في رسالته في حقيقة مذهب الاتحاديين، قال في ابن عربي: «مقالة ابن عربي في فصوص المحكم، وهي مع كونها كفرا فهو أقربهم إلى الإسلام، لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد كثيرا؛ ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره؛ بل هو كثير الاضطراب فيه، وإنما هو قائم مع خياله الواسع الذي يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى.»
ويقول في الصدر الرومي: «وأما صاحبه الصدر الفخر الرومي فإنه لا يقول: إن الوجود زائد على الماهية، فإنه كان أدخل في النظر والكلام من شيخه؛ لكنه كان أكفر وأقل علما وإيمانا وأقل معرفة بالإسلام وكلام المشايخ. ولما كان مذهبهم كفرا كان كل من حذق فيه كان أكفر.»
وهذا التفاوت في أساليب ابن تيمية وبعض مذاهبه مما جعل أثر مؤلفاته في الأجيال من بعده متفاوتا. فمذهب الوهابيين يتصل بسبب إلى ابن تيمية، ونزعة الإصلاح الديني عند الشيخ محمد عبده تتصل بسبب إلى ابن تيمية أيضا.
آثاره
Unknown page