140

Fayḍ al-Qadīr sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaghīr

فيض القدير شرح الجامع الصغير

Publisher

المكتبة التجارية الكبرى

Edition Number

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

مصر

٢٣٢ - (احتكار الطعام) أي احتباسه لانتظار الغلاء به قال الزمخشري احتكر الطعام احتبسه وفلان حرفته الحكرة وهي الاحتكار انتهى وليس عموم الطعام مرادا بل المراد اشتراء ما يقتات وحبسه ليقل فيغلو (في الحرم) المكي حسبما يفسره الخبر الآتي بعده (إلحاد فيه) يعني احتكار القوت حرام في سائر البلاد وبمكة أشد تحريما والإلحاد الميل عن الاستقامة والانحراف عن الحق إلى الباطل ومنه الملحد لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها ولم يمله عن دين إلى دين ذكره الزمخشري قال الله تعالى ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم﴾ أي ومن يهم فيه بمحرم عذب عليه لعظم حرمة المكان وإنما سماه ظلما لأن الحرم واد غير ذي زرع فالواجب على الناس جلب الأقوات إليه للتوسعة على أهله فمن ضيق عليهم بالاحتكار فقد ظلم ووضع الشيء في غير محله فاستحق الوعيد الشديد
(د) في الحج من حديث جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة عن موسى بن باذان (عن يعلى) بفتح المثناة تحت واللام بينهما مهملة ساكنة (ابن أمية) بضم الهمزة عن أبيه التميمي الحنظلي أسلم يوم الفتح وشهد حنينا والطائف وشهد الجمل مع عائشة ثم تحول إلى علي وقتل معه بصفين قال ابن القطان حديث لا يصح لأن موسى وعمارة وجعفرا كل منهم لا يعرف فهم ثلاثة مجهولون وفي الميزان جعفر مجهول وعمه لين ومن مناكيره وساق هذا الحديث ثم قال لهذا حديث واهي الإسناد
٢٣٢ - (احتكار الطعام بمكة إلحاد) أراد بمكة هي وما حولها من الحرم فلا ينافي ما قبله
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيتمي فيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان وغيره وضعفه جمع انتهى ولم يرمز له بشيء ومن زعم أنه رمز لحسنه لم يصب فقد حررته من خطه وظاهر صنيعه حيث لم يعزه إلا للطبراني أنه لم يعرف لغيره ممن هو أعلى والأمر بخلافه فقد أخرجه الإمام البخاري في التاريخ الكبير عن يعلي بن أمية أنه سمع عمر يقول احتكار الطعام بمكة إلحاد انتهى وكان المصنف إنما عدل عنه لكونه فهم أن البخاري أشار إلى وقفه وأنت تعلم أن هذا مما لا مجال للرأي فيه فهو في حكم المرفوع وأخرجه البيهقي في الشعب مصرحا برفعه فروى عن عطاء أن ابن عمر طلب رجلا فقالوا ذهب ليشتري طعاما فقال للبيت أو للبيع فقالوا للبيع قال أخبروه أني سمعت رسول الله ﷺ يقول فذكره
٢٣٤ - (احثوا) بضم الهمزة وسكون الحاء وضم المثلثة ارموا (التراب في وجوه المداحين) عبر بصيغة المبالغة إشارة إلى أن الكلام فيمن تكرر منه المدح حتى اتخذه صناعة وبضاعة يتأكل بها الناس وجازف في الأوصاف وأكثر الكذب يريد لا تعطوهم على المدح شيئا فالحثي كناية عن الحرمان والرد والتخجيل قال الزمخشري: من المجاز حثى في وجهه الرماد إذا أخجله أو المراد قولوا لهم بأفواهكم التراب والعرب تستعمل ذلك لمن يكرهونه أو المراد أعطوهم ⦗١٨٣⦘ ما طلبوا لأن كل ما فوق التراب تراب فشبه الإعطاء بالحثي على سبيل الترشيح والمبالغة في التقليل والاستهانة وبهذا جزم البيضاوي وقيل هو على ظاهره فيرمى في وجوههم التراب وجرى عليه ابن العربي قال: وصورته أن تأخذ كفا من تراب وترمي به بين يديه وتقول ما عسى أن يكون مقدار من خلق من هذا ومن أنا وما قدري توبخ بذلك نفسك ونفسه وتعرف المادح قدرك وقدره هكذا فليحث التراب في وجوههم قال: وقد كان بعض مشايخنا إذا رأى شخصا راكبا ذا شارة يعظمه الناس وينظرون إليه يقول لهم وله إنه تراب راكب على تراب وينشد:
حتى متى وإلى متى تتوانى. . . أتظن ذلك يا فتى نسيانا
قال النووي: ومدح الإنسان يكون في غيبته وفي وجهه فالأول لا يمنع إلا إذا جازف المادح ودخل في الكذب فيحرم للكذب لا لكونه مدحا ويستحب ما لا كذب فيه إن ترتب عليه مصلحة ولم يجر إلى مفسدة والثاني قد جاءت أخبار تقتضي إباحته وأخبار تقتضي منعه كهذا الخبر وجمع بأنه إن كان عند الممدوح كمال إيمان وحسن يقين ورياضة بحيث لا يفتن ولا يغتر ولا تلعب به نفسه فلا يحرم ولا يكره وإن خيف عليه شيء من ذلك كره مدحه
(ت) واستغربه (عن أبي هريرة عد حل عن ابن عمر) بن الخطاب لم يرمز له المصنف بشيء

1 / 182