(36) الوجود أن أوجده شئ يكون هذا الإيجاد مما يتوقف عليه فلم يبق المفروض علة تامة وإن لم يوجده لزم وجود الممكن من غير إيجاد كذا قال وفيه ما فيه والصواب في الجواب أن يقال قد لزم هذا المعنى فإنه لو لم يجب معها لكان نسبة الوجود والعدم إليه سواء كما كان قبل وجود هذه العلة فلم يتحقق إيجاد فلزم وجود الممكن من غير موجد مرجح وهو محال فلابد من رجحان الوجود على العدم وترجيح المرجوح محال فالوجود واجب وأما الثاني فلأنه أن لم يمتنع على ذلك التقدير لأمكن وجوده من غير إيجاد علته فلم تبق العلة علة وقال هذه المقدمة مسلمة بين أهل السنة والفلاسفة لكن أهل السنة يقولون على وجه لا يلزم منه القول بالعلة الموجبة الغير المختارة بخلاف الفلاسفة * المقدمة الثالثة أنه لابد أن يدخل في علة الحوادث أمور لا موجودة ولا معدومة كالإضافات وإلا فأما أن تكون علتها موجودات محضة أو معدومات محضة أو مختلطة من الموجودات والمعدومات والشقوق باسرها باطلة أما الأول فلأنه لو كانت موجودات لابد لها من علة حتى تنتهى إلى البارى جل مجده فأما يلزم قدم الحوادث أو الاستحالة العظيمة من ارتفاع البارى تعالى عنه علوا كبيرا وأما الثاني فلأنه لا يعقل عليه المعدوم للموجود وأيضا المركب أجزاؤه مما يتوقف عليها المركب فلا تكون المعدومات جملة ما يتوقف عليه وأما الثالث فلأنه كلما تحقق وجودات يتوقف عليها المعلول الحادث تحقق الحادث وإلا فيتوقف على عدم آخر فإما عدم سابق فيلزم قدم الحادث لتحقق جملة ما يتوقف هو عليه من الوجودات المستندة إلى البارى آخرا والعدمات وأما عدم لا حق لشئ وليكن عدم بكر فلا بدله من علة هى عدم جزء من علة وجوده فتلك العلة أن كانت أمرا موجودا فعدمه لا يكون إلا بعدم جزء من علته وهكذا يتسق الكلام فيلزم الاستحالة العظيمة وإن كانت عدم أمر فعدمه وجود لأن نفى النفى إثبات كوجود خالد مثلا فقد توقف عدم بكر على وجود خالد وكان الحادث موقوفا على عدم بكر فيتوقف على وجود خالد وقد كان فرض تحقق جميع وجودات يتوقف عليها وجود الحادث فقد ثبت ما ادعينا أن كلما تحقق وجودات توقف عليها وجود الحادث تحقق الحادث وبطل عليه المختلط وإذا أثبت هذا فعدم الحادث لعدم واحد من الوجودات وهكذا فيلزم الاستحالة العظيمة فلزم قدم الحادث فلابد في علية الحادث من أمور لا موجودة
(37)
Page 56