(35) تتعلق إرادته على خلاف ما علم من النظم إلا تم فهذا صحيح وغير مناف لوجوب الفعل عند تعلق الإرادة ووجوب الإرادة لأجل الحكمة ووجوب الحكمة لكونها صفة كمالية واجبة الثبوت للبارى بإقتضاء ذاته فالقدرة بهذا المعنى وبمعنى صفة بها إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل متلازمتان والإرادة ترجيح تعلق القدرة بجانب الفعل أو الترك لكن هذا الترجيح يكون في الله سبحانه على حسب اقتضاء الحكمة والعلم بالنظم ويجب لكونه أزليا كسائر الصفات وفينا على حسب دواعينا وأغراضنا فقد انكشف لك الفرق بين الاختيارى والاضطرارى على أتم الوجوه بحيث لا يبقى فيه شائبة الخفاء فحينئذ نقول قد اندفع الإيراد بعدم اتصاف الفعل بالحسن والقبح بأن الاختيار ما ذكر ولا ينافيه الوجوب بل الفعل الاختيارى يجب بعد الاختيار أو بالاختيار والثاني بأنه لا شائبة للاضطرار كيف والإيجاد منه تعالى لأجل الحكمة ومطابقة الفعل للنظم الصالح من الكمالات فيجب ثبوته له تعالى والإيجاد كيف ما اتفق من غير وجوب أمر مستحيل يجب تنزيهه تعالى منه فلا يجترئ مسلم على هذا والله تعالى أعلم بحقيقة الحال وأما الإشكال الثالث فحله كما ينبغى يطلب من شرح نصوص الحكم وسنشير إليه أن شاء الله تعالى إجمنالا وقد بان لك من هذا التحقيق أن مبدأ الفعل الاختيارى يجب أن يكون اضطراريا وإلا لزم التسلسل في المبدأ ولصدر الشريعة رحمه الله ههنا كلام لإثبات الاختيار بمعنى ترجيح أحد الجانبين مع التساوى ومع وجوب الفعل فلنذكره ونفك عقدته حتى تتبين لك حقيقة الحال فنقول مهد رحمه الله تعالى أولا أربع مقدمات * المقدمة الأولى أن المصادر ربما تطلق ويراد بها معانيها المصدرية التى وضعت بإزائها وربما تطلق على الحالة الخارجية الحاصلة منها كالحركة فإنها تطلق ويراد بها معناها المصدرى وقد يراد بها الحالة الخارجية الأول معنى اعتبارى لا وجود له في الخارج إلا باعتبار المصداق والثانى أمر عينى هذا ظاهر جدا *
Page 53