من كتاب البيع
ذكر الأصحاب أن الثمن تشترط معرفته ولو بمشاهدة، فيصح بوزن صنجة لا يعلمان وزنها، وبصبرة لا يعلمان عدتها، وبما يسع هذا الكيل. ونص أحمد على أنه يصح بموضع فيه كيل معروف، وبنفقة عبده شهرًا. وإن كان الثمن في الذمة، اعتبر ذكر صفاته، كالسلم، صرح به مشايخ المذهب. فلو كان الثمن مثلًا في الذمة مؤجلًا، فلابد لصحة البيع من ذكر قدره، وجنسه، ونوعه، وحداثته، وقدمه، وجودته، ورداءته، وصغر أو كبر، وكل ما يختلف به الثمن.
والعبرة في الثمن بحالة العقد، فلو حصل العلم والجهالة بعده، لم يكن كل منهما مؤثرًا في صحة العقد ومبطلًا له. فلو تسلم الثمن المؤجل المعلوم حالة العقد ليلًا، أو مستورًا بوعاء، مصدقا للمشتري في صفته، أو كان به عادة مطردة، فوجده على خلاف ذلك، لم يكن مؤثرًا في صحة العقد، بل له الرجوع بما عقد عليه، بخلاف المثمن، فإنه لا يصح تسلمه ولا تسليمه إلا معلومًا، إلا ما استثنى من ذلك.
وذكروا أن من اشترى مكيلًا، أو موزونًا، لم يصح له التصرف قبل كيله أو وزنه مطلقًا.
قال ابن نصر الله في "حاشيته": حتى بأكل، وأجاز شيخنا العسكري الأكل فقط، لأنه ليس بتصرف، فطلبت منه الدليل على ذلك، فلم يقمه. انتهى. كلام شهاب الدين ابن عطوة في "روضته".
وله أيضا: ما لا يصح السلم فيه، لا يصح بيعه بالصفة، لأنه لا يمكن ضبطه بها، وحدوث الجهل لا يوجب الجهالة حالة العقد، والجائز بعد أن يلزم، لا يعود إلى الجواز بشرط سابق. انتهى.