الفواكه العديدة في المسائل المفيدة
تأليف
الشيخ العلامة أحمد بن محمد المنقور التميمي النجدي
طبع على نفقة
عبد العزيز عبد العزيز المنقور
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
- (الجزء الأول) -
1 / 1
مقدمة المؤلف
رب يسر يا كريم وتمم بالخير والسلامة
الحمد لله جامع الخلائق لميعاده، ومؤثر بالفضائل من شاء من عباده، وموفقه لصوابه ورشاده، وخاذل من شاء بطرده وإبعاده، وجاعل العلماء ورثة الأنبياء، وموفقهم لاتباع أوامره ومراده، تقتص آثارهم، وتضبط أقوالهم، ويقتدي بفعالهم، وجعلهم إلى الخير أدلة عباده، وخص في كل زمن فاضلًا يرجع إليه في أمره ونهيه، وتقريره وتحريره وإيراده، بإيضاح كلام العلماء واستشكاله، ومعرفة قصده ومراده، ومعرفة الصحيح والراجح والمقدم وأضداده.
أحمده بجميع محامده، وأشكره على ما خولنا من نعمه وفوائده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنفي كيد الشيطان ومكائده، وأشهد أن سيدنا محمدًا المخصوص بجميع الفضائل والمآثر، المكمل به الشرف والمفاخر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل السؤود الظاهر، والمجد والكرم الباهر، ما أفل نجم أو طلع ظاهر، وسلم تسليمًا.
وبعد، فهذه مسائل مفيدة، وقواعد عديدة، وأقوال جمة، وأحكام مهمة، لخصتها من كلام العلماء، ومن كتب السادات القدماء، وأجوبة الجهابذة الفقهاء، غالبها بعد الاشارة من شيخنا وقدوتنا الشيخ عبد الله ابن محمد بن ذهلان، بل الله بالرحمة ثراه، وجعل جنة الفردوس مأواه، لزيادة فائدة أو تقرير قاعدة، أو إيضاح إشكال، أو جواب
1 / 3
[طريقة المصنف في النقل عن شيخه ابن ذهلان]
سؤال، أو اطلاع على خلاف من كلام الأئمة الأشراف، ومسائل قررها في مجلس الدرس وغيره، فأحببت أن أضبط كلامه، بعضه بالحرف وبعضه بالمعنى، تذكرة لنفسي، وتبصرة لأبناء جنسي عن الاختلاف عندي، وطلبا للانتفاع بعدي، وبيان مسائل فيها اشكال عليه، أو بها ثقل لديه، لئلا يتوهم فيها من يظنها واضحة ظاهرة، أو يقيض الله لها من يكشف عنها حجبها الساترة، لحديث: "قيدوا العلم بالكتابة".
وفي "آداب الحنفية": من حفظ فر، ومن كتب قر.
وقال هلال بن يسار: حدث النبي ﷺ بحديث، فقلت: أعده لي. قال: "هل معك محبرة"؟ قلت: ما معي محبرة.
قال: "لا تفارقها، فإن الخير فيها وأهلها إلى يوم القيامة".
وذكر ابن مفلح في "آدابه" أن عصام بن يوسف اشترى قلما بدينار ليكتب ما سمع في الحال.
وفي "مسائل أبي داود": كان يحيى بن يمان يحضر سفيان، ومعه خيط، فكلما حدث سفيان بحديث عقد عقدة فإذا رجع إلى البيت، كتب حديثًا وحل عقدة. انتهى.
وكذا فعل الشيخ شهاب الدين بن عطوه مع ذكائه وحفظه حال قراءته على شيخه أحمد بن عبد الله العسكري، قال: ولم يأذن لي في الكتابة في الدرس، فكنت أعقله بعده، فاحتجت إلى أن أكتب بعض كلامه بالمعنى، وهكذا فعلت، ولنا فيه أسوة، مع أن من ذكر أجل
1 / 4
وأفضل، وأعلم وأنبل، لكن لكل زمان ما يناسبه، وإن الذي يأتي شر منه، كما في الحديث: "كل عام ترذلون". فكنت وقت قراءتي على الشيخ المذكور في "الاقناع" أسمع منه تقريرا وتحريرا، فإذا قمت عن المجلس، كتبته لئلا يختلف علي بعض الكلام فيما يأتي من الأيام والأعوام.
وكذلك كتبت ما أشار إليه من الفوائد الشوارد، وأضفت إلى ذلك ما وجدت من أجوبته، وما اطلعت عليه من أجوبة غيره من العلماء الأفاضل، وأبين قائله خروجا تبعته، وأضفت كل شئ إلى ما يشابهه أو يقاربه، ليسهل تناوله على من طلب، والله أسأل أن ينفعني به وسائر المسلمين، إنه جواد كريم.
1 / 5
من كتاب الطهارة وكتاب الصلاة
قال ابن حمدان: الطهارة صفة تحصل عند وجود سببها قصدًا واتفاقا. انتهى.
قال الموضح: وهو جامع مانع، إلا أنه مبهم. انتهى.
قال في "الرعاية الكبرى" لابن حمدان: الحدث ما اقتضى وضوءًا، أو غسلًا، أو هما، أو استنجاء، أو استجمارًا، أو مسحًا، أو تيمما قصدا، كوطء وبول ونجو ونحوهما غالبا، أو اتفاقا كحيض ونفاس واستحاضة ونحوها، واحتلام نائم ومجنون ومغمى عليه، وخروج ريح منهم. انتهى.
قال في "جمع الجوامع" للشيخ يوسف بن عبد الهادي: يجوز تطهير الحنطة المتنجسة بأن تجعل في زنبيل وتغمس في الماء سبع مرات. انتهى.
قال في "الفروع": إن ثبت أن صباغ الديباج الرومي دماء الآدميين، بطلت الصلاة في ذلك في حق من يباح له لبسه، ومراده ما لم يغسل، لأنه قال: وإن صبغ فيما وقعت فيه نجاسة، لم تجز الصلاة فيه حتى يغسل، وانه لا يضر بقاء اللون. لأنه عرض كالرائحة. انتهى.
ومن "جمع الجوامع" قال ابن عبيدان في "شرح المقنع": المذهب أنه إذا خضب يده بالحناء والكتم والزعفران، فقام لون ذلك باليد، أنه لا يمنع صحة الطهارة، لأنه غير حائل، وإنما هو عرض ليس
1 / 6
له جسم يمنع وصول الماء إلى العضو، وكذا الوشم لا يمنع صحة الطهارة كالحناء، انتهى. والوشم يطهر بالغسل، قاله شيخنا.
ومن "فتاوى النووي الشافعي": إذا صبغ الثوب بصبغ نجس، أو خضب رأسه أو شعره بخضاب نجس، هل يطهر بالغسل مع بقاء اللون، أم لا؟ فأجاب: نعم يطهر. ومن "فتاويه" أيضًا: إذا سقى سكينا ماء نجسا، هل تطهر بغسل ظاهرها، أو يشترط سقيها بماء طاهر مرة أخرى؟ فأجاب:
الأصح أنه يكفي غسل ظاهرها، فلو قطع بها شيئا رطبا قبل غسلها، صار نجسا. انتهى.
وعلى هامش "الاقناع" عن الشيخ محمد بن بلبان الخزرجي الدمشقي على قوله: ولا سكينا سقيت ماء نجسا، هو أن تعالج بأدوية.
وأما إحماؤها في النار ثم غسلها في ماء نجس ونحوه، فهذا إطفاء لها، فتطهر بالغسل. انتهى. وهذا هو الذي قرر لنا شيخنا بلا تردد عنده في ذلك. وكذا الوشم، جزم لنا بأنه يطهر بالغسل كما أفاده ابن عبد الهادي.
من "المستوعب" للشيخ محمد بن عبد الله السامري: فإن تغير بطاهر مطهر كالصعيد، أو بطاهر غير مطهر لكنه لا يخالطه، كالعود، والكافور، والدهن، والقار، أولا يمكن الاحتراز منه، كالسبخ، والحمأة، والطحلب، وأوراق الأشجار الساقطة في السواقي والأنهار، أو تغير بما ينبت فيه، أو بطول المكث، أو بجريانه على معادن الكبريت، والملح، والمغرة، والزرنيخ، والكحل، ونحو ذلك، فهو طهور. فأما إن حمل شئ من ذلك من معدنه وطرح فيه فغيره، لم يعف عنه. وأما إن طرح فيه ملح مائي، فهو طهور. انتهى.
فظهر من ذلك أن لو كانت عنبة أو نحوها على منحاة، وسقط منها ورق في بركة بقربها، أو ساقية أو لزا، فغير ما فيه من الماء، أنه لا يسلبه
1 / 7
الطهورية ما لم يضع ذلك آدمي ذو قصد، وهو المكلف، قاله شيخنا.
قال في "الرعاية الكبرى": وقد يتولد النبات من نجاسة إذا نبت في أرض نجسة، أو سقي بماء نجس وحده ... إلى أن قال: وإن سقي النجس أو الطاهر من حب وزرع وثمر وغيرهما ونحو ذلك بماء نجس دائما، فهو نجس. انتهى. فظهر لنا نجاسة جميع أجزاء النخل المسقي بماء نجس من تمر، وليف، وكرب، وعسبان وغيرها، قاله شيخنا. وذكر أن المخالف وافق لما عثر على هذه العبارة.
قال في "الفروع": وما سقي أو سمد بنجس من زرع وثمر، نجس محرم، نص عليه. وعند ابن عقيل: طاهر مباح، جزم به في "التبصرة". انتهى. ولا يسع الناس العمل بغيره، وعمل الناس عليه قديما وحديثا، وفاقا للأئمة الثلاثة، قاله شيخنا.
فائدة من كلام الشافعية: الماء الذي يتغير بالعرق وأوساخ أبدان المغتسلين والمتوضئين إذا بلغ قلتين، فهو طهور وإن كثر التغير، لأنه تغير بطاهر يشق الاحتراز عنه. وهذا في السواقي والبرك يقع كثيرا، وهو طهور، من تقرير شيخنا أبي النصر نقله عن مرشد بن دبيان. انتهى. والظاهر عندنا كذلك، قاله شيخنا.
ومن كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية:
فصل: وأما الماء إذا تغير بالنجاسة فإنه ينجس بالاتفاق وإن لم يتغير ففيه أقوال معروفة:
أحدها: لا ينجس، وهو قول أهل المدينة، ورواية المدنيين عن مالك وكثير من أهل الحديث، واحدى الروايات عن أحمد، اختارها طائفة من أصحابه، ونصرها ابن عقيل في "المفردات" وابن المني وغيرهما.
ثم قال:
1 / 8
الثاني: ينجس قليل الماء بقليل النجاسة، وهي رواية البصريين عن مالك.
والثالث: وهو مذهب الشافعي، وأحمد في الرواية الأخرى، اختارها طائفة من أصحابه: الفرق بين القلتين وغيرهما، فمالك لا يحد الكثير بالقلتين، والشافعي وأحمد يحدان الكثير بالقلتين.
والرابع: الفرق بين البول والعذرة المائعة وغيرهما.
والصواب هو القول الأول، وإنه متى علم أن النجاسة قد استحالت، فالماء طاهر، سواء كان قليلا أو كثيرا، وكذلك في المائعات كلها. وقد ثبت من حديث أبي سعيد ﵁، أن النبي ﷺ قيل له: نتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن؟ فقال: "الماء طهور لا ينجسه شئ". قال أحمد: حديث صحيح، وهو في "المسند" أيضا عن ابن عباس ﵄، أن النبي ﷺ قال: "الماء طهور لا ينجسه شئ". وهذا اللفظ عام في القليل والكثير، وهو عام في جميع النجاسات. وقد أذن في إزالتها بغير الماء في مواضع: منها الاستجمار بالحجارة، ومنها قوله في النعلين: "ثم ليدلكما بالتراب فإن التراب لهما طهور". ومنها قوله في ذيل المرأة: "يطهره ما بعده". فالراجح في هذه المسألة أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان، زال حكمها، وإنما المقصود التنبيه على أن النجاسة من باب ترك المنهي عنه، فحينئذ إذا زال الخبث بأي طريق كان حصل المقصود. ثم قال:
الخامس: أن الماء ينجس بملاقات النجاسة مطلقا.
وأما روث ما لا يؤكل لحمه كالبغال والحمير، فهو نجس عند جمهور العلماء. وذهب طائفة إلى طهارتها، وأنه لا ينجس من الأرواث والأبوال إلا بول الآدمي وعذرته، فإذا كان الصحيح في الماء أنه لا ينجس
1 / 9
إلا بالتغير، إما مطلقا وإما مع الكثرة، فكذلك الصواب في المائعات. ثم قال:
الوجه السادس: إذا لم يكن لها في الماء والمائع طعم ولا لون ولا ريح لا نسلم أن يقال بنجاسته أصلا، كما في الخل المنقلبة وأبلغ، واطرد ذلك في جميع صور الاستحالة، فإن الجمهور على أن المستحيلات من النجاسة طاهرة، كما هو المعروف عند الحنفية والظاهرية، وهو أحد القولين في مذهب مالك وأحمد، ووجه في مذهب الشافعي. انتهى.
ومن "روضة ابن عطوة" وفي "شرح العمدة" لبهاء الدين المقدسي: أن الماء لا ينجس حتى يتغير مطلقًا. انتهى.
ومن "رسالة الامام العلامة أبي زيد المالكي الملقب مالك الصغير وشرحها" بعد كلام له سبق: ولا بما قد تغير لونه أو طعمه أو ريحه، لشئ خالطه من شئ نجس أو طاهر، إلا ما غيرت لونه الأرض التي هو بها من سبخة أو حمأة ونحوها.
(ش) فإن كان الماء مشوبا بطاهر، وهو مما لا ينفك عنه غالبا، كالماء الجاري على التراب والزرنيخ والشب والنورة، أو شبه ذلك مما هو قرار له، كالسبخة - بالفتح - أرض ذات سباخ - والحمأة - بالسكون وهو الطين الأسود - أو بما هو متولد منه كالطحلب - بضم اللام وفتحها، وهو خضرة تعلو الماء لطول مكثه - فهو طهور سواء تغير أم لا. انتهى. الظاهر أن مذهبنا مثله، قاله شيخنا.
ومن "الرسالة" و"شرحها": وإن كان مشوبا بنجس، فإن غير أحد أوصافه وهو اللون والطعم والريح، كان نجسا بلا خلاف، قليلا
1 / 10
كان أو كثيرا. وإن كان باقيا على أوصافه، فالكثير طهور بالاتفاق، والقليل كذلك على المشهور. لكنه مكروه مع وجود غيره. وقيل: ينجس، وهو قول ابن القاسم، وعلى هذا يحمل كلام المصنف حيث قال: وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة - وإن لم تغيره - كقدر آنية الوضوء أو الغسل ... إلى أن قال: الرابع قوله: قليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم تغيره، فالمشهور أنه طهور، لكنه مكروه مع وجود غيره، كما تقرر بيانه. انتهى.
ومن "شرح خليل البهرام" في مذهب الامام مالك أيضا: إذا ولغ الكلب في ماء يسير، فهو مكروه. وكل حي عندنا طاهر على المشهور: دمعه، وعرقه، ولعابه، وبيضه، ولو آكل نجسا، وسواء كان من سباع الطير أو غيرها. والقيء إذا لم يتغير عن حال الطعام، فهو طاهر،، عن تغير، فنجس. وأثر ذباب من عذرة، أي إذا جلس الذباب على العذرة ونحوها، ثم قعد على ثوب إنسان أو جسده، فإنه يعفى عن أثره، كطين مطر، أي ومما يعفى عنه طين المطر ونحوها كماء الرش والمياه المستنقعة في السكك والطرق تصيب الرجل، ونحو ذلك. وإن اختلطت العذرة بالمصيب، أي أن العفو باق، ولو كان الطين الذي يصيب المكلف مخالطا بالعذرة، لا ان غلبت، أي لا ان غلبت العذرة على الطين أو كانت عينا قائمة، فإنه لا يعفى عنه، وظاهرها العفو، أي ظاهر "المدونة" العفو. وذيل المرأة المطال للستر، ورجل، أي يعفى عن ذيل المرأة إذا أطالته لقصد الستر، وعن الرجل المبلولة، يمران بالنجاسة الجافة، لكونهما يطهران بما بعد النجس من الأرض. انتهى.
ومن "قواعد ابن نجيم" من أئمة الحنفية: المطهرات للنجاسات خمسة عشر:
١ - المائع الطاهر القالع ٢ - ودلك النعل بالأرض ٣ - وجفاف الأرض بالشمس ٤ - ومسح الصقيل ٥ - ونحت الخشب ٦ - وفرك
1 / 11
المني من الثوب ٧ - ومسح المحاجم بالخرق المبتلة بالماء ٨ - والنار ٩ - وانقلاب العين ١٠ - والدباغة ١١ - والتقوير في الفأرة إذا ماتت في السمن (الجامد) ١٢ - والذكاة من الأهل في المحل ١٣ - ونزح البئر ١٤ - ودخول الماء من جانب وخروجه من جانب ١٥ - وحفر الأرض بقلب الأعلى الأسفل.
وذكر بعضهم قسمة المثلي من المطهرات، فلو تنجس برفقسم طهر، وفي التحقيق، لا يطهر، وإنما جاز لكل الانتفاع، لوقوع الشك فيهما حتى لو جمعت عادة، كذا في "القواعد الفقهية" وفي "النهر الفائق شرح كنز الدقائق" لابن نجيم أيضا: يطهر البدن والثوب بالماء، وبمائع مزيل ينعصر بالعصر، كالخل، وماء الورد، والبيلسان، ونحو ذلك، لا مثل الدهن، والدبس، والعسل، ونحو ذلك، لأنه غير مزيل. ويطهر الخف والنعل غير الرقيق من النجاسة التي لها جرم - وإلا يغسل بالماء - بالدلك، وهو المسح بالتراب، لأنه له أثر في الطهارة، لقول محمد في المسافر إذا أصابت يده النجاسة: يمسحها بالتراب. والمني اليابس بالفرك. ويطهر نحو السيف، وهو كل صقيل لا مسام له، بالمسح. وتطهر الأرض وما كان قائما عليها باليبس وذهاب الأثر، وهو الطعم واللون والريح، للصلاة لا للتيمم، وإلى هنا تبين أن التطهير يكون بالدبغ، والنزح، والغسل، والدلك، والفرك، ومسح الصقيل، والجفاف، ومسح المحاجم بثلاث خرق، وانقلاب العين، كخنزير صار ملحا، وسرقين صار رمادا، وخمر صار خلا، والذكاة، ونحت الخشب، وقلب الأرض بجعل الأعلى الأسفل، والقور، ودخول الماء من جانب وخروجه من الآخر، قيل: وهبة البعض، وغسل اللحم ثلاثا إذا وقعت فيه نجاسة حال غليانه. انتهى.
وقال في "الطرفة شرح التحفة" للحنفية: ولا ينجس الماء الجاري،
1 / 12
وهو الذي يذهب بنفسه، إلا أن غيرته النجاسة طعما أو لونا أو ريحا. انتهى.
ومن "وقاية الرواية في مسائل الهداية" للحنفية: يجوز الوضوء بماء السماء والأرض، كالمطر والعين، وأن تغير بطول المكث، أو غير أحد أوصافه شئ طاهر، كالتراب، والاشنان، والصابون، والزعفران. وبما جار فيه نجس لم ير أثره، أي طعمه أو لونه أو ريحه، وبما في جانب غدير لا يحركه تحريك جانبه الآخر الذي نجس ماؤه، وهو عشرة أذرع، في عشرة أذرع، ولا ينجس بالغرف.
وكل اهاب دبغ طهر، إلا جلد الخنزير والآدمي. وما طهر جلده بالدبغ، طهر بالذكاة، وكذا لحمه وإن لم يؤكل، وما لا فلا.
فصل بئر فيها نجس، أو مات فيها حيوان وانتفخ، أو تفسخ، أو مات آدمي، أو شاة، أو كلب، ينزح كل مائها إن أمكن، وإلا فقدر ما فيها، نحو حمامة أو دجاجة ماتت فيها، أربعون إلى سنين، وفي نحو فأرة أو عصفور، عشرون إلى ثلاثين، والمعتبر الدلو الوسط.
ومنها أيضا: كحنطة بال عليها حمر تدوسها، فغسل. أو ذهب بعضها، فيطهر ما بقي، وما ليس بحدث ليس بنجس.
ويطهر بدن المصلي وثوبه ومكانه عن نجس مرئي، بزوال عينه، وعما لم ير، بغسله ثلاثا، كالخمر والبول، وعصره في كل مرة إن أمكن، وخفه عن كل ذي جرم جف، بالدلك بالأرض، باليبس وذهاب الأثر.
وقدر الدرهم من نجس غليظ، كبول، ودم، وخمرة، وخرء دجاجة، وبول حمار، وهرة، وفأرة، وروث، وخثي، وما دون ربع ثوب مما خفف، كبول فرس، وما أكل لحمه، وخرء طير لا يؤكل عفو. وإن زاد لا. ويعتبر وزن الدرهم بقدر مثقال في الكنيف، أي الغليظ،
1 / 13
ومساحته بقدر عرض كف في الرقيق، ولعاب البغل لا ينجس طاهر، أو بول منتضح منه مثل رؤوس الإبر، ليس بشئ. انتهى. أي ليس بشئ يجب غسله، ولا يمنع جواز الصلاة، لأنه لا يمكن الامتناع منه. انتهى من "حاشيته".
ومن "قواعد ابن نجيم الحنفي" من القاعدة السابقة، فقال:
السادس: العسر وعموم البلوى، كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها، كما دون ربع الثوب من المخففة، وقدر الدرهم من المغلظة، ونجاسة المعذور التي تصيب ثيابه، وكان كلما غسلها خرجت، وطين الشوارع، وأثر نجاسة عسر زواله، وبول سنور في غير أواني الماء، وعليه الفتوى، وغبار السرجين، وقليل الدخان النجس.
ومن ذلك قولنا: إن النار مطهرة للروث والعذرة، فقلنا بطهارة رمادهما تيسيرا، وإلا لزمت نجاسة الخبز في سائر الأمصار.
ومن ذلك طهارة بول الخفاش وخرؤه، والبعر الذي يقع في المحلب إذا رمي قبل التفتت، وما يصيب الجلد والثوب من بخارات النجاسة على الصحيح، وما يصيبه مما سال من الكنيف مما لم يكن أكثر رأيه النجاسة. انتهى.
مسألة مهمة عند الحنفية: الدم إذا اختلط بالبزاق لا يخلو: إما أن يكون غالبا، أو مغلوبا، أو مساويا، فإن احمر البزاق بسبب الدم، صار غالبا أو مساويا، وكلاهما معتبران في نقض الطهارة وفساد الصوم، لأنه حينئذ يكون سائلا بقوة نفسه، فيعتبر. وإن اصفر بالبزاق صار مغلوبا فلا يعتبر في نقض الطهارة وفساد الصوم، لأنه حينئذ يكون سائلا بابتلاعه فهل هو طاهر أو لا؟ قال في "الهداية": ثم ما لا يكون حدثا، لا يكون نجسا. يروى ذلك عن أبي يوسف، وهو
1 / 14
الصحيح، لأنه ليس بنجس حكما، حيث لم تنتقض الطهارة به.
وحد ملء الفم من القيء، أن لا يمكن الكلام معه، وقيل: أن لا يمكن ضبطه إلا بتكلف ومشقة، وهو الصحيح. انتهى.
الظاهر أنه لا يجوز أخذ ماء من ملك الغير إلا بإذنه، كالذي بحياض النخل، والسيل الراكد في العقار لملك ربه له، فإن فعل فكمغصوب، إلا على قول الشيخ ابن تيمية ومن تبعه. وأما الوضوء منه، فإن كان العقار غير محوط ولا ضرر فيه على المالك، جاز الوضوء لا الأخذ منه، قاله شيخنا.
الظاهر أن نجاسة الذئب لا يشترط لها تراب، قاله شيخنا.
الجلد إذا دبغ بنجس، أو دهن بدهن متنجس، طهر بالغسل، لأن الذي يبقى عرض، قاله شيخنا.
قوله: الفأرة تقع في السن وكان مائعا، فهو نجس. قال بعضهم: حد المائع بحيث يسيل لو فتح فم الزق. وقال غيره: بحيث لا تسري فيه وهو الأولى. وإن كل ما لا يمكن عصره كجلد البعير، أو يضره العصر كثوب الحرير، يكفي رفعه سبع مرات من الماء ما امرار يده عليه، قاله شيخنا.
الحمنانة إذا وقعت في ماء قليل، وخرجت حية، فهو طاهر.
وإن ماتت فهل هو ينجس بنجاستها، أم لا لأن لها قميصا يمنع وصول الدم إلى الماء؟ الظاهر، مع الثقل والتردد أنه لا ينجس. وأما القراد، فلا ينجسه ولو مات، قاله شيخنا.
ومن "حاشية ابن قندس" قوله: والمنزوح طهور بشرط. ظاهر كلامهم أن ذلك آخر دلو نزحت. وكلام شارح "المنتهى" اشتراط أن تسع قلتين.
1 / 15
وقوله: يحسب مثل نقل الماء من ركية حولها. يدل عليه كلامه في آخر الإيمان، فنقله قليلا قليلا على العادة مع قولهم: ولو لم يتصل الصب. وقول الشيخ مرعي: لا يعتبر كثرة في إضافة ونزح. لعل فيها سقطا، وإلا ففيها تناقض، قاله شيخنا.
ظاهر عبارة "التلخيص" و"الرعاية": إذا كان الماء الجاري لا يمكن رجوع أسفله إلى أعلاه، ولو حبس، فوقعت نجاسة في أسفله، إن الأعلى لا ينجس، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": تنبيهات: ظاهر قوله: وإن اشتبه طاهر بطهور منفرد يتوضأ من كل واحد منهما. وضوءين كاملين من هذا وضوءا كاملا منفردا ومن هذا وضوءا كاملا منفردا، وهو أحد الوجهين، وصرح بذلك وجزم به في "المغني" و"الكافي" و"الهادي"و"الوجيز" و"ابن رزين" و" الحاوي الكبير" وابن عبدرس " في تذكرته" و"المنتخب" و"المنور" و"الافادات" وغيرهم وقدمه في "الرعايتين" و"الحاوي الصغير" و"النظم" وهو ظاهر كلامه في "الهداية" و"المذهب" و"المستوعب" و"التلخيص" و"الشرح" و"المذهب الأحمد" و" المحرر" و"الخلاصة" وابن منجا في "شرحه" و" الفائق" و"ابن عبيدان" وغيرهم. قال في مجمع "البحرين": هذا قول أكثر الأصحاب.
والوجه الثاني: أنه يتوضأ وضوءا واحدا، من هذا غرفة، ومن هذا غرفة، وهو المذهب.
قوله: يتوضأ من ذا غرفة، ومن ذا غرفة. هذا مع تقاربهما،
1 / 16
وإلا فات التوالي. فإذا خاف فوات التوالي فالعمل بقول "المغني" أولى، بأن يتوضأ من كل منهما وضوءا كاملا. قاله شيخنا.
قال ابن تميم: هذا أصح الوجهين. قال في "تجريد العناية": هذا الأظهر. قال في "القواعد": مذهبنا يتوضأ وضوءا واحدا، وقدمه في "الفروع" و"مجمع البحرين"، وأطلقهما في "القواعد الأصولية" في موضع. وفائدة الخلاف: إذا كان عنده طهور بيقين، فمن يقول: يتوضأ وضوءين لا يصحح الوضوء منهما، ومن يقول: وضوءا واحدا من هذا غرفة ومن هذا غرفة يصحح الوضوء كذلك مع الطهور المتيقن.
الثاني: أنه لا يتحرى. وهو المذهب، انتهى.
قال في "جمع الجوامع": ولا بأس بماء سقايات الأسواق، والأحواض التي بنى بها الناس في الطرقات، ثم قال: وإن أخبره عدل بنجاسة الماء وعين السبب، قبل، وقيل: مطلقا، وفي قبول قول المميز ومستور الحال وجهان. انتهى. فقول الشيخ مرعي: وعين السبب. مخالف على قول. وكذا قوله: أولا واعتقد صدقه، لكن يعمل بهما في بعض الأحوال، مع أن الشيخ منصور جزم بضده.
ومن وطيء رطوبة بليل فلم يلزمه غسلها ولا شمها، صرح به ابن القيم، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": ومنها البيضة إذا صارت دما، فهي طاهرة على الصحيح، قاله ابن تميم. وقيل: نجسة. قال المجد: حكمها حكم العلقة، وأطلقهما في "الفروع". وذكر أبو المعالي وصاحب "التلخيص" نجاسة بيض مذر، واقتصر عليه في "الفروع". انتهى. وعبارة "الاقناع" بخط مؤلفه بيده: والبيضة المذرة التي كانت دما. وفي غيرها كالتي شرح عليها الشارح، والبيضة المذرة التي كانت دما، ساقط منها حرف، أو مشى على القولين فيها، قاله شيخنا.
1 / 17
إذا تنجس ماء كثير بالتغير، ثم زال تغيره، وقد حسر الماء عن حده الأول، فالظاهر أن جوانب الحوض التي أصابها الماء في نجاسته، أنها نجسة تحتاج لغسل، بخلاف دن الخمرة للمشقة، قاله شيخنا. قوله: يعفى عن يسير دم، ولو دم حائض ونفساء، الظاهر أنه إن لم يتعقب بولا، وإلا نجسه مخرج البول.
وولد البهيمة إذا لم يكن معه دم، فهو طاهر، فإن جهل الحال فهو طاهر، لأن الغالب خروجه بلا دم، وإنما يكون الدم بعده، ولعاب الطفل طاهر، ولو تعقب قيئا. والظاهر أن ما حول الفم كالأنف، والشفتين مثله، قاله شيخنا، قوله: سؤر ما دون الهر طاهر. الظاهر نجاسة سؤر الغراب، لأنه أكبر من الهر، وظاهر كلام منصور في "شرحه للمنتهى" أن الغراب أكبر من الهر، لأنه عد ما فوق الهر خلقة، ثم مثل بالعقاب، والصقر، والحدأة، والبومة، وغراب البين، والأبقع، وكذلك نقل عن الخزرجي نجاسة سؤر الغراب، قاله شيخنا.
إذا وطئ نجس، كحمار في ماء كثير، وطار منه رشاش، فطاهر بخلاف ما علقه ثم نفضه، كالذي بذنبه إذا نفضه، قاله شيخنا.
ما قولكم إذا تغير ماء بئر بسبب رج الآدمي لها بالدلو، هل يكون الماء طهورا، أم لا؟ وإذا كانت بئر موقوفة لنفع المسلمين، وغالبها للمصلين، فأخرج منها شخص دلوًا مملوءة ماء، والحال أن الدلو وقف كذلك، أو شرع في إخراجها، ثم أتى آخر فأخذها منه، هل يكون ذلك الماء مغصوبا أم لا؟
الجواب: ماء البئر المغربة التي هي المسقاة لا بعطن، يرفع الحدث، ويزيل النجس ماؤها ولو تغير بصفرة أو كدرة، ونحو ذلك.
الثانية: إذا أخرج إنسان دلوا مملوءة، أو شرع في إخراجها وفصلها عن الماء، ملك ما فيها والحالة هذه، كتبه عبد الله بن محمد بن ذهلان
1 / 18
ومن خطه نقلت. إذا أمر غير مكلف بزعب ولو من بئر فهو كالغاصب، فإن أصابه شئ بسبب الزعب، ضمنه. وأما إن زعب بلا أمر، وأفرغها في القرو، فالظاهر إباحته، لعدم تموله، وكذا نقل عن البلباني مثله، وأقل ما فيه الكراهة مع الأمر، إلا بإذن وليه العدل، قاله شيخنا. وأجاب الشيخ سليمان: بأنه لا يملكها إلا بوضعها في إنائه، لأن الماء بني على الإباحة، فالفعل محرم والماء طهور. انتهى. مع أني راجعت فيها شيخنا، فجزم بمثل ما تقدم وزاد: أن ذلك الماء محرم على غير من أخرجها إلا بإذنه، وأنه يملكه بذلك الاخراج، والله أعلم. (ومنه: أنه لو تغير الماء بروث فيها على طول المدة حتى صار الماء أسود كالزفت، متغير اللون والطعم والرائحة، فإنه لا يسلبه الطهورية، لأنه يشق صون الماء عنه خصوصا الآبار التي في الموارد والله أعلم).
ومن "الآداب الكبرى" قال الخلال: أخبرني محمد بن يزيد الواسطي عن أيوب قال: سألت أباقاسم عن الغلام يسلمه أبوه إلى الكتاب، فيبعثه المعلم في غير الكتابة، فمات في ذلك العمل. قال: هو ضامن. وهذا متجه على أصل مسألتنا، كما ذكره أحمد فيمن استقضى غلام الغير في حاجة أنه يضمن. انتهى.
ما قولكم فيما إذا تغير ماء البئر بسبب حفرها، هل يسلبه الطهورية، أم لا؟ الجواب: إذا كان تغير الماء المذكور بطاهر من نزح لا يشق صونه عنه، انسلب الطهورية سواء كان بسبب الحفر أو غيره، كتبه محمد النبلي، ومن كتبه نقلت.
1 / 19
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: الجدار الذي فيه التمر إذا غسل وجهه غسلة واحدة وزالت النجاسة طهر، ولا يشترط زوال التمر. والودك الجامد إذا تنجس لا يطهر إلا بقلع وجهه لا بغسله، إلا عند القاضي أبي يعلي. وظاهر العجين إذا تنجس، لا يطهر بغسله.
والباب المنصوب إذا تنجس يطهر بواحدة لأنه متصل بالأرض. والتمرة إذا تنجست تطهر بالغسل. وكذلك رب التمر، والله أعلم، ومن خطه نقلت.
قوله: ولم يكن مجتمعا من متنجس يسير. مثله ساقي يجري منه الماء إلى بركة وفيه خرء غراب، أو كلب، والساقي لا يجيء قلتين، فما اجتمع في البركة فهو نجس ولو بلغ فلا لا كثيرة، بخلاف ما إذا كانت النجاسة في البركة فإنه ما دام الماء قليلا فنجس،، وإذا كثر فطهور، قاله شيخنا. قال الشيخ أبو العباس: إذا وقعت نجاسة في ماء ولم يتغير، لم ينجس في أظهر قولي العلماء. انتهى.
من "حاشية ابن قندس" قوله: ولا تزول طهورية ماء يكفي طهره، بمائع طاهر يغيره في الأصح، وإن لم يكف فروايتان. هذه العبارة بمائع طاهر يغيره في الأصح، وإن لم يكف فروايتان. هذه العبارة ظاهرها مشكل من جهة المعنى والنقل. أما جهة المعنى فلأن ظاهرها الطهورية تزول في الصورة الأولى على قول، لقوله: في الأصح وإنها تزول في الثانية في إحدى الروايتين، وهذا مخالف لما قد عرف من قاعدة المذهب، من أن الماء إذا خالطه شئ من الطاهرات التي لها تأثير في زوال طهورية الماء إذا غيرته، وإن لم تغيره لم تسلبه الطهورية، لما قدمه ويأتي. وظاهر ذكره في المسألة المتقدمة لا يوافق ما ذكره في هذه في قاعدة المذهب، ولأن القول بزوال الطهورية في هذه المسألة على ظاهر ما ذكره، لا يوافق بعضه بعضا، لأن كلامه دل
1 / 20
على أنه إذا كان يكفيه لطهارته، أنه لا تزول طهوريته في الأصح. وإذا كان جنبا، وعنده ما لا يكفيه لطهارته أنه تزول طهوريته في إحدى الروايتين من غير ترجيح. ودل كلامه على أنه لا تزول طهوريته، إذا كان يكفيه لطهارة الحدث الأصغر ... إلى أن قال:
وأما النقل فالذي عليه كلام الأشياخ المحققين أن الكلام إنما هو في جواز الطهارة منه، وعدم الجواز، وأن الظاهر يصير طهورا لما استهلك في الطهور، وأنه محكوم عليه بأنه طاهر على ما كان عليه، فما غسل به لم تحصل طهارته، لكونه بغير طهور. وأما كون الطهور يكون طاهرا لكونه لا يكفي الطهارة فليس هذا من كلامهم بل كلامهم صريح أو قريب من الصريح بأنه طهور على ما كان عليه إلا أن يكون الطاهر، بحيث لو خالفه في الصفة غيره، وأن يكون أكثر من الطهور، أو يقدر بالخل على الخلاف فيه، ثم ذكر كلام الأشياخ ثم قال:
فالحاصل أن كلام الجماعة المحققين يدل على أن الطاهر، هل يصير تبعا للطهور ويصير حكمه حكم الطهور أم هو باق على ما كان عليه؟ وأما الطهور فلم يقل أحد منهم: أنه تزول طهوريته. والمصنف ساق الخلاف في الطهور، هل تزول طهوريته أم لا؟ فما ذكروه وجهة ظاهر، وما ذكروه مخالف لما قاله المحققون وهو مشكل.
نسأل الله التوفيق للصواب. انتهى. هذا ملخص كلامه.
إذا بني جدار من طين متنجس، فما دام الجدار قائما، فظاهره طاهر بعد (مرور) المطر عليه، بخلاف باطنه. وإن دق وصار ترابا، وصب عليه ماء طهر، أشار إليه في "الانصاف". فإن وقع في بئر فصفت فظاهره. وقبل صفوها، إن كان فيه عويدات مجبولة مع
1 / 21