ص:
١٢٩ - وَذُو الْإبَاحَةِ "مُبَاحٌ" جَائِزُ ... مُوَسَّعٌ وَمُطْلَقٌ وَحَائِزُ
١٣٠ - حِلًّا، خَلَا مِنْ مِدْحَةٍ وَذَمِّ ... وَقَدْ يَجِيءُ اسْمًا لِغَيْرِ الْحِرْمِ
الشرح: المرادُ أنَّ مُتعلَّق الإباحة مِن الفعل يُسمَّى "مباحًا" اسم مفعول مِن "أباحه". ويُسمى "جائزا" و"مُوَسَّعًا" أَيْ: فِيه (^١)، و"مُطْلَقًا" و"حَلَالًا"، وما في معناه مِن المُحَلِّ والمُحَلَّل بالفتح، وهو معنى قَولي: (وَحَائِزٌ حِلًّا).
وقولي: (خَلَا مِنْ مِدْحَةٍ وَذَمٍّ) هذا رَسْم "المباح"، وهو: ما خَلَا مِن مَدْح وذمٍّ، أَيْ: لا في فِعل ولا في تَرْك. وخروجُ بَقِية الأقسام كلها مِن ذلك واضحٌ؛ لأنَّ كُلًّا منها لا يخلو مِن مدح أو ذم إمَّا في الفعل أو في التَّرك، لكن لا بُدَّ فيه مِن الإذْن؛ لأنه مُتَعَلَّقُ الإباحة، وقد سبق تفسير الإباحة بذلك؛ فَيَخْرج حُكمُ الأشياء قَبْل ورود الشرع، وفِعْلُ غَيْر المكلَّف.
نَعَم، المراد بكونه لا مدح فيه ولا ذم: الذي شأنه ذلك، أو يُقال: (لِذَاتِه)؛ ليخرج ما لو تُرك به حرامٌ؛ فإنه يثاب عليه مِن تلك الجهة، ويَكون واجبًا - على رَأْي الكعبي كما سيأتي، فإنَّ ذلك لا يختص بالمباح، وما لو تُرك به واجبٌ فإنه يُذم أيضًا مِن تلك الجهة.
والمراد بالمدح والذم أنْ يَرِد ما يدل على ذلك بِطَريق مِن الطُّرق، كمدح الفاعل، أو ذَمِّه، أو وَعْده، أو وَعِيده، أو غير ذلك كما سبقت الإشارة إليه، وإن ابن عبد السلام بسط ذلك في كتاب "دلائل الأحكام".
وقولي: (وَقَدْ يَجِيءُ اسْمًا لِغَيْرِ الْحِرْمِ) معناه أنَّ البائع ربما أُطْلق على مُقَابِل "الحرام"، أَعَم مِن الواجب والمندوب والمكروه وخِلافِ الأولى والمُخَيَّر فيه على السواء، أَيْ بأسمائه،
(^١) يَعْني: مُوَسَّعًا فِيه.