ص:
١٠٠ - وَالشَّرْطُ أَيضًا عَدَمُ الْإلْجَاءِ ... فَمُكْرَهٌ مكَلَّفٌ، "فَالْجَائِي"
١٠١ - فِي القَتْلِ مِنْ إثْمٍ وَمنْ قِصَاصِ ... لَيْسَ لإِيثَارٍ بِلَا اخْتِصَاصِ
١٠٢ - وَمَوْضِعُ الْإكْرَاهِ غَيْرُ مَا حُكِمْ ... بِكَوْنِهِ مَحَلَّ هَذَا الْمُنْحَتِمْ
١٠٣ - [لِأنَّهُ] (^١) قَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ ... بِأنَّهُ يَعُمُّهُ الْخِطَابُ
الشرح: هذا هو الشرط الرابع مِن شروط المكلَّف، وهو أنْ لا يَكون مُكْرَهًا بِإلجاءٍ. فالمُلْجَأُ إلى فِعل وهو لا يَجِد مندوحةً عنه مع حضور عَقْله (كَمَن أُلْقِيَ مِن شاهق، فهو كالآلة، أو كحركة المرتعش) يمْتَنع تكليفُه، قِيل: باتفاق. لكن الآمدي أشار إلى أنه يطرقه الخِلَاف من التكليف بالمُحَال؛ لِتَصَوُّر الابتلاء فيه، بِخِلَاف الغافل.
نَعَم، عندنا وَجْهٌ في أنَّ الصائم إذَا أُوجر مُكْرَهًا، يفطر، لكن ليس لِكَوْنه مُكَلَّفًا، بل لأنَّ المُفَطِّر عنده ما يَصِل للجوف مُطْلَقًا، فيرجع لِخِطَاب الوَضْع، فلا [يُكَلَّف] (^٢) بِفِعْلٍ المُلْجَأُ إليه (لأنه واجب الوقوع) ولا بِتَرْكه (لأنه ممتنع الوقوع).
أمَّا المُكْرَه غَيْر المُلْجَأ فلا يمتنع تكليفه كما صرَّح به القاضي وإمام الحرمين والشيخ أبو إسحاق والغزالي وغيرهم، ومال إليه صاحب "المحصول" وأتباعُه.
قال ابنُ التلمساني: وهو مذهب أصحابنا؛ لأنَّ الفعل مُمْكِن والفاعل متمكن. وكذلك ابنُ بَرهان.
ومقابِلُهُ يُنقَل عن الحنفية، وربما نُقِل عن المعتزلة، لكن الأثبت في النقل عنهم - كما قال
(^١) في (ص، ق): فإنه.
(^٢) كذا في (ز، ظ)، لكن في سائر النُّسخ: تكليف.