٥١ - وَذَا تَوَاتُرٌ، وَعِلْمُنَا بِهِ ... تَوَاتُرِيٌّ، وَسَيَأْتِي، فَادْرِهِ
٥٢ - وَمِنْهُ مَا ترْكِيبُهُ مِنْ عَقْلِ ... وَحِسَّ غيْرِ السَّمْعِ، بَلْ بِوَصْلِ
٥٣ - مُشَاهَداتٍ كُرِّرَتْ بِتَجْرِبَهْ ... فَـ "التَّجْرِبِيُّ" اسمٌ لِعِلْمٍ أَكْسَبَهْ
٥٤ - وَإِنْ تَكُنْ قَرائِنٌ قَوِيَّهْ ... في حَدْسِ نِسْبَةٍ، فَذِي "الْحَدْسِيَّهْ"
٥٥ - بَلْ كُلُّ ظَنِّيٍّ حَوَى قَرَائِنَا ... يَصِيرُ عِلْمِيًّا بِمَا قَد قَارَنَا
الشرح:
أَيْ: الثالث مِن قيود "العِلْم": كَوْن الجَزْم - المُطَابِق - لِمُوجِبٍ (^١)، وهذا الموجِبُ المذكور له أقسام كثيرة، يتنوع العِلْم بسببها إلى أنواع، ولِكُل نوع لَقَبٌ، فَذَكَرْتُ في هذه الأبيات ذلك مُرَتَّبًا على وَجْهٍ حَسَن. ثُمَّ أَذْكُر بعد ذلك ما يَخْرُج بهذا القيد.
فَـ "المُوجِبُ" المراد به المُقْتَضِي لذلك والمُحَصِّلُ له، وهو بِخَلْق الله تعالى العِلْم عنده، لا على جهة تأثير ذلك المُوجِب كما هو رَأْي المعتزلة في العِلَل كما سيأتي.
وهو إمَّا مُفْرَد أو مُرَكَّب، والمُفْرَد إمَّا حِسٌّ وَحْده (ظاهرٌ أو باطنٌ)، أو عَقْل وَحْده [بِضرورةٍ أو نَظَر] (^٢).
والمُرَكَّبُ إمَّا مِن حِسًّ مُطْلَقًا (^٣) وعَقْل، وإمَّا مِن حِس سَمْعٍ وعَقْل.
وكُلُّ ما أَوْجَبَه شيء مِن هذه الموجِبات فَمَعْدُودٌ عندهم مِن العلوم الضرورية (عَلَى خِلَاف في بَعْضه)، سِوَى ما اسْتُفِيدَ بِنَظَرِ العَقْل، فإنه عِلْمٌ نَظَرِيٌّ كما سيأتي بيانه.