وعليه دَيْنٌ لم يأثم بسببه ولا بمَطْله، فهل يؤخذ من حسناته في الآخرة بمقدار ما عليه من الدَّين؟ قلنا: نعم ... كما تؤخذ أمواله ومساكنه وعبيده وإماؤه في الدنيا.
فانتقد البلقيني هذا الجواب من الشيخ وعقّب عليه بكلام جيد بقوله: (هذا الجواب ممنوع. والأرجح أنه لا يؤخذ في الآخرة من ثواب حسناته شيء، لعدم تعدّيه. وفي الحديث: (من أَخَذ أموال الناس يريد أداءها، أدَّى الله عنه). ثم قال البلقيني: (وما ذكره الشيخ ﵀ من قياس الغائب على الشاهد، لا يصح؛ إذ لا يلزم من أخذ أمواله ومساكِنِه وعبيدِه في الدنيا، أن يؤخذ من ثواب حسناته في الآخرة، لأن الدنيا دار تكليف، والآخرةُ دارُ أجر على الطاعة أو المعصية، ولم يوجد منه معصية".
وفي النص رقم ٢٠١: قال الشيخ ابن عبد السلام: (لو قَصَد الإنسانُ القربةَ بوسيلة ليست بقربة، لا يثاب على قصده دون فعله، كمن قَصَد نوم بعض الليل ليتقوّى به على قيام بقيته).
فأبدى البلقيني نظرًا في كلام الشيخ هذا، وعقّب عليه -بالاستناد إلى حديث يخالف ظاهر كلام الشيخ- بقوله: (ظاهر هذا أنه لا يثاب على النوم المذكور، وهذا قد يُنازع فيه قولُ معاذ ﵁: (إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي).
وفي النص رقم ٢٠٢: ذكر الشيخ ابن عبد السلام الاختلاف في كون بعض الكفارات: هل هي جوابر أو زواجر؟ ثم رجَّح أن (الظاهر أنها جوابر لأنها عبادات وقُرُبات لا تصح إلا بالنيات، وليس التقرب إلى الله تعالى زاجرًا).
وهذا الترجيح من الشيخ، لم يلق أيضًا قبولًا عند البلقيني، فعقّب عليه بالاستدلال بآية تخالف ما ارتآه الشيخ، فقال: (ما ذكره من أن الكفارات
1 / 36