Fath Darfur
فتح دارفور سنة ١٩١٦م ونبذة من تاريخ سلطانها علي دينار
Genres
وصلنا إلى «أم شنقا»، وعسكرنا فيها بشكل قلعة محمية من جميع جهاتها بالمدافع المعدة لضرب أي مهاجم، أو مفاجئ.
ومما يجدر بالذكرى، والاعتبار أن معسكرنا هذا قد وقع في قطعة أرض مرتفعة، ومحاطة بخندق صنع بدقة، وإحكام، وحاكم على كل الجهات المطلة عليه. وبالتحري علمت أنها كانت محل معسكر الجيش المصري القديم عند سقوط سلطنة دارفور في عهد الخديو إسماعيل، فقلت في نفسي: يا الله! ما أجمل الذكرى! وما أحبها إلى القلب!
وقد عسكرنا تلك الليلة وبتنا، وكنا على أتم الحذر، والاستعداد لسحق كل مهاجم. وفي مساء ذلك اليوم أجرى قومندان البطارية الجديد الذي رافقنا من النهود تجربة المدافع أمام نظره، وتأكد من حسن حالتها. (10) القيام من «أم شنقا»
قمنا من «أم شنقا» أي جميع الطوبجية، والبيادة، والهجانة، والبيادة الراكبة ما عدا 2 جي بطارية، وبعضا من الهجانة؛ لتكون مع الحملة، ولحفظ خط الرجعة أيضا.
وفي الساعة 10 صباحا ظهرت كشافة العدو، ولكنهم طوردوا، فطردوا، وفروا مرتدين على الأعقاب، وما وافت الساعة 11 صباحا حتى ظهرت ثانية تعززها أورطة بيادة للعدو أيضا، ومعها بيرقها. (11) أول موقعة
ولما رأتهم كشافتنا أصدرت القيادة العامة الأمر بأن تتألف القوة بشكل قلعة تحميها المدافع من أركانها الأربعة، فحصل ذلك بغاية ما يمكن من السرعة، ووقع في تلك اللحظة تبادل النيران بين الطرفين، وقد كان شديدا لفترة صغيرة لا تجاوز نصف الساعة.
وقد قيل إن نار مدافعنا أصابت عشرة من سواري العدو فجندلتهم، أما أغلب رصاص العدو فقد كان جميعه طائشا، ولم يفوزوا إلا بخرق جبة أحد عساكر الهجانة، وخدش فخذ أحد عساكر البيادة الراكبة، وقد استمرت هذه الموقعة الصغيرة ما يقرب من ساعة ونصف، وقد كنت ترى مدافع المكسيم السريعة الانطلاق ترد العدو من بعد على أعقابه حائرا دهشا من تلك النيران السريعة الجهنمية التي كانت تلفظها من أفواهها. (12) التقدم إلى جبل الحلة
تقدمنا بعد ذلك إلى جبل الحلة، فوجدنا العدو قد أعمل النار في معسكره، وتركه وهو لا يلوي على شيء، واللهب قد بلغ أشده، وسحب الدخان تكاد تسد الجو. (13) الوصول إلى جبل الحلة واحتلاله
وما وافت الساعة 3 بعد ظهر ذلك اليوم حتى وقفنا أمام قشلاقات العدو، وأطفأنا تلك النيران الملتهبة المحرقة، ثم احتلت بعض مدافع الطوبجية الجبل، والمواقع الحاكمة فيه. (13-1) ما هو جبل الحلة؟
جبل الحلة هو جبل منيع به سكان عديدون، وحلل كثيرة متقاربة، ولا تسل عن فرح الأهالي، وغبطتهم عند وصولنا إليهم، فقد انتشلناهم من وهدة ظلم ابن دينار الذي أرهقهم بجبروته، واستبداده. وهواء هذا الجبل حسن جدا. (13-2) مبارحة جبل الحلة
Unknown page