Fath Cali
فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك
Publisher
دار المعرفة
Edition Number
بدون طبعة وبدون تاريخ
Genres
Fatwas
الْمَدْعُوِّ لَهُ بِذَلِكَ حَيْثُ اعْتَنَى بِهِ فَدَعَا لَهُ بِأَضْعَافِ مِثْلِ مَا دَعَا بِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُمْتَنَعُ لِأَنَّ الدَّاعِيَ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَعْظِيمًا لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ ﵊ بَلْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى احْتِيَاجِ غَيْرِهِ لِلرَّحْمَةِ مِنْهُ ﷾ لِأَنَّهُ ﷺ لِقُرْبِ مَكَانَتِهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الْإِجَابَةُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ مُحَقَّقَةٌ وَغَيْرُهُ لِبُعْدِ رُتْبَتِهِ قَدْ لَا يَكُونُ مَظْنُونَهَا فَنَاسَبَ تَأْكِيدُ الدُّعَاءِ لَهُ وَتَكْرِيرُهُ رَجَاءً لِلْإِجَابَةِ انْتَهَى.
وَقَدْ نَصَّ ابْنُ نَاجِي فِي الْإِلْمَامِ بِمَا أَخْطَأَتْ فِيهِ الْعَوَامُّ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْفَاتِحَةَ فِي صَحَائِفِ النَّبِيِّ ﷺ مَكْرُوهٌ. وَسُئِلَ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، وَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْته زِيَادَةً فِي شَرَفِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ فَأَجَابَ: هَذَا مُخْتَرَعٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْقُرَّاءِ لَا أَعْلَمُ لَهُمْ فِيهِ سَلَفًا وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ زَيْنِ الدِّينِ الْكُرْدِيِّ وَالشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ عَجْلُونٍ قَائِلًا قَدْ تَوَسَّعَ النَّاسُ فِيهِ وَعَبَّرُوا بِعِبَارَاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ كَقَوْلِهِمْ فِي صَحِيفَتِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ أَوْ هَدْيِهِ أَوْ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ وَقَدْ يَقْتَرِنُ بِذَلِكَ مَا يُخِلُّ بِالْأَدَبِ مَعَهُ ﷺ وَمَا أَلْجَأَهُمْ إلَى ارْتِكَابِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ جَمِيعَ حَسَنَاتِ الْأُمَّةِ فِي صَحِيفَتِهِ ﷺ وَقَدْ قَالَ ﷺ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُك» فَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَرْكُ ذَلِكَ وَالِاشْتِغَالُ بِمَا لَا رِيبَةَ فِيهِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِ الْوَسِيلَةِ لَهُ ﷺ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَأْثُورِ فِي الشَّرْعِ مِمَّا يَكْفِينَا بِحَمْدِ اللَّهِ كَثْرَةً.
وَفِي كِتَابِ كَنْزِ الدَّاعِينَ أَجَازَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إهْدَاءَ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لَهُ ﷺ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ يَمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّهُ جَرَاءَةٌ عَلَى الْجَنَابِ الرَّفِيعِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْفَارِضِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي الْمِعْيَارِ.
[تَرْكُ السُّنَّةِ لِكَوْنِ الْمُبْتَدِعِ يَفْعَلُهَا]
(وَسُئِلَ) عِزُّ الدِّينِ هَلْ يَجُوزُ تَرْكُ السُّنَّةِ إذَا ثَبَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِكَوْنِ الْمُبْتَدِعِ يَفْعَلُهَا أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: لَا يَجُوزُ تَرْكُ السُّنَنِ بِمُشَارَكَةِ الْمُبْتَدِعِ فِيهَا إذْ لَا يُتْرَكُ الْحَقُّ لِأَجْلِ الْبَاطِلِ وَمَا زَالَ الْعُلَمَاءُ وَالصَّالِحُونَ يُقِيمُونَ السُّنَنَ مَعَ الْعِلْمِ بِمُشَارَكَةِ الْمُبْتَدَعِينَ وَلَوْ سَاغَ ذَلِكَ لَتُرِكَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالسُّنَنُ الرَّاتِبَةُ وَصَلَاةُ الْأَعْيَادِ وَعِيَادَةُ الْمَرْضَى وَالتَّسْلِيمُ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَالصَّدَقَاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَجَمِيعُ الْخَيْرَاتِ الْمَنْدُوبَاتِ.
وَسُئِلَ عَمَّنْ لَهُ أَخٌ فِي اللَّهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ أَوْ شَيْخٌ يَرْجُو بَرَكَةَ زِيَارَتِهِ وَرُؤْيَتِهِ وَفِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ الْمَقْصُودَةِ مُنْكَرَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا يَرَاهُ عِيَانًا وَمِنْهَا مَا يَعْلَمُ بِوُجُودِهِ وَفِي حَالِ سَفَرِهِ أَيْضًا لَا يَسْلَمُ مِنْ شَيْءٍ يُشَاهِدُهُ فَهَلْ يُكْرَهُ لِمِثْلِ هَذَا السَّفَرِ أَمْ مَا حُكْمُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ لِكَثْرَتِهِ.
فَأَجَابَ: أَمَّا الزِّيَارَةُ وَالْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يُتْرَكَانِ لِمَا يُشَاهَدُ مِنْ الْمَنَاكِرِ إذْ لَا يُتْرَكُ الْحَقُّ لِأَجْلِ الْبَاطِلِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى إنْكَارِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي خُرُوجِهِ بِيَدِهِ أَوْ لِسَانِهِ فَعَلَ وَحَصَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَجْرِ الصَّلَاةِ وَالزِّيَارَةِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ مَأْجُورًا عَلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَكَذَلِكَ الْغَزْوُ مَعَ الْفَجَرَةِ إنْ قَدَرَ عَلَى
1 / 55