42

Fatḥ al-ʿAlī al-Mālik fīʾl-fatwā ʿalā madhhab al-Imām Mālik

فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك

Publisher

دار المعرفة

Edition

بدون طبعة وبدون تاريخ

Genres

Fatāwā
أَوْ سَيَكُونُ كَغَيْرِهَا مِنْ الرُّؤْيَاتِ فَيُسْأَلُ عَنْ تَعْبِيرِهَا وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ الرَّائِي أَنَّ مَرْئِيَّهُ أَمْرٌ وَارِدٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ يَدُلُّ عَلَى أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ وَإِطْلَاقُ اسْمِ اللَّهِ عَلَى مَرْئِيِّهِ مُجَازٌ كَإِطْلَاقِهِ فِي حَدِيثِ «يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا عَلَى مَلَكٍ حَامِلٍ أَمْرَهُ أَوْ رَحْمَتَهُ تَعَالَى» انْتَهَى.
[مَسَائِلُ أُصُولِ الْفِقْهِ]
[أَنْوَاع الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ أُصُولِ الْفِقْهِ (مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَوْلِهِمْ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ: خَمْسَةٌ تَكْلِيفِيَّةٌ الْإِيجَابُ، وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ، وَخَمْسَةٌ وَضْعِيَّةٌ السَّبَبُ وَالشَّرْطُ وَالْمَانِعُ وَالصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ فَمَا مَعْنَى عَدِّ الْإِبَاحَةِ مِنْ التَّكْلِيفِيَّةِ، وَمَا كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ فِي قَوْلِهِمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ يَجْرِي فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ الْأُولَى فَتَبْلُغُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ مَعْنَى وَجْهِ عَدِّهِمْ الْإِبَاحَةَ فِي التَّكْلِيفِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ لِلتَّكْلِيفِ الَّذِي قِيلَ فِيهِ إنَّهُ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَقِيلَ فِيهِ إنَّهُ إلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ طَلَبًا وَلَا إلْزَامَ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ إنَّمَا هِيَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ التَّغْلِيبُ أَوْ كَوْنُهَا لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ شَيْخُ مَشَايِخِي خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً وَاسِعَةً - فِي حَوَاشِي الْجَوْهَرَةِ وَنَصُّهُ: " وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ فَلَيْسَتْ تَكْلِيفًا عَلَيْهِمَا أَيْ الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيرِ التَّكْلِيفِ إنْ قُلْتَ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ عَشَرَةٌ، خَمْسَةٌ وَضْعٌ السَّبَبُ، وَالشَّرْطُ وَالْمَانِعُ وَالصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ، وَخَمْسَةٌ تَكْلِيفٌ الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ وَالنَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ قُلْت إمَّا أَنَّهُ تَغْلِيبٌ أَوْ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا مِنْ أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ أَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُكَلَّفِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ أُصُولُ الْفِقْهِ مِنْ أَنَّ أَفْعَالَ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ كَالْبَهَائِمِ مُهْمَلَةٌ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا مُبَاحَةٌ وَتَقْرِيبُهُ أَنَّ مَعْنَى مُبَاحَةٍ لَا إثْمَ فِي فِعْلِهَا وَلَا فِي تَرْكِهَا وَلَا يُنْفَى الشَّيْءُ إلَّا حَيْثُ يَصِحُّ ثُبُوتُهُ انْتَهَى. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ فِي الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ كَالصَّلَاةِ شَرْطٌ فِي كَمَالِ الْإِيمَانِ وَسَبَبٌ لِلْعَدَالَةِ وَمَانِعٌ مِنْ الْقَتْلِ لِتَرْكِهَا وَصَحِيحَةٌ إنْ وَافَقَتْ الشَّرْعَ، وَفَاسِدَةٌ إنْ خَالَفَتْهُ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الْبَقِيَّةِ وَإِنْ شِئْت قُلْت السَّبَبُ إمَّا وَاجِبٌ كَالْإِيمَانِ لِلنَّجَاةِ مِنْ دُخُولِ النَّارِ وَسَعَادَةِ دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَإِمَّا حَرَامٌ كَالزِّنَا لِلْحَدِّ وَإِمَّا مَكْرُوهٌ كَأَكْلِ الْبَصَلِ لِخُبْثِ رِيحِ الْفَمِ وَإِمَّا مَنْدُوبٌ كَتَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ لِزِيَادَةِ الثَّوَابِ وَإِمَّا مُبَاحٌ كَالْأَكْلِ لِلشِّبَعِ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الْبَقِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 46