Fatḥ al-ʿAlī al-Mālik fīʾl-fatwā ʿalā madhhab al-Imām Mālik
فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك
Publisher
دار المعرفة
Edition
بدون طبعة وبدون تاريخ
Genres
Fatāwā
[كِتَابُ الزَّكَاةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الزَّكَاةِ تُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى الْإِخْرَاجِ، وَعَلَى الْمُخْرَجِ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَقَالَ الزَّكَاةُ مَصْدَرًا إخْرَاجُ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ شَرْطُ وُجُوبِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ بُلُوغُ الْمَالِ نِصَابًا، وَبِالْمَعْنَى الثَّانِي، فَقَالَ، وَاسْمًا جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ شَرْطُ وُجُوبِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ بُلُوغُ الْمَالِ نِصَابًا، وَأُورِدَ عَلَيْهِ مَنْ قَالَ إذَا بَلَغَ مَالِي عِشْرِينَ دِينَارًا فَعَلَيَّ لِلَّهِ دِينَارٌ مَثَلًا فَيَصْدُقُ عَلَى هَذَا الدِّينَارِ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ. . . إلَخْ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ شَرْعِيَّةٌ فَهَذَا سَبَبٌ لَا شَرْطٌ قَالَ الْبُنَانِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ النِّصَابَ سَبَبٌ فِي الزَّكَاةِ أَيْضًا لَا شَرْطٌ، وَتَعْبِيرُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْهُ بِالشَّرْطِ تَسَامُحٌ اهـ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ قَدْ تَكَلَّفَ الْجَوَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الشَّرْطُ الذَّاتِيُّ يَعْنِي بِجَعْلِ الشَّرْعِ لَا بِإِيجَابِ الْمُكَلَّفِ عَلَى نَفْسِهِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مَعْنَى فَقِيرُ الزَّكَاةِ هَلْ هُوَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ قُوتَ عَامِهِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ قُوتُ الْعَامِ زِيَادَةً عَلَى مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ مِنْ كُتُبٍ، وَفَضْلِ مَنْزِلٍ، وَثِيَابٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ .
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ فَقِيرُ الزَّكَاةِ هُوَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ قُوتَ عَامِهِ، وَيُعْتَبَرُ قُوتُ الْعَامِ زَائِدًا عَلَى مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ، وَأَمَّا مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ فَيَدْخُلُ فِي قُوتِ الْعَامِ فَإِنْ كَانَ يَكْفِيهِ فِيهِ فَهُوَ غَنِيٌّ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ بِوَصْفِ الْفَقْرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ لَهُ دَارٌ أَوْ خَادِمٌ لَا فَضْلَ فِي ثَمَنِهِمَا مِمَّنْ سِوَاهُمَا أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا فَضْلٌ لَمْ يُعْطَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ فِيهِمَا فَضْلٌ يُرِيدُ فَضْلًا يُغْنِيه لَوْ بَاعَهُمَا وَاشْتَرَى غَيْرَهُمَا، ثُمَّ قَالَ، وَالْغِنَى الْمُرَاعَى الْعَيْنُ، وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ أَوْ فَضْلَةٌ بَيِّنَةٌ عَنْ الْقِنْيَةِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ، وَخَادِمٌ لَا فَضْلَةَ فِيهِمَا أَوْ كَانَ فِيهِمَا فَضْلَةٌ يَسِيرَةٌ أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ فَضْلَةً بَيِّنَةً لَمْ يُعْطَ اهـ.
وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ الْمَسْكَنُ، وَالْخَادِمُ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثِيرَةَ الثَّمَنِ فِيهَا فَضْلٌ اهـ.
وَفِي ابْنِ يُونُسَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى مِنْهَا مَنْ لَهُ الدَّارُ، وَالْخَادِمُ، وَالْفَرَسُ. أَبُو الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ هَذَا فِي بَلَدٍ يَحْتَاجُ لِلْفَرَسِ اهـ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَلْ يُعْطَى مِنْهَا الْفَقِيهُ إذَا كَانَتْ لَهُ كُتُبٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَمَا يَحْتَاجُ الْمُجَاهِدُ لِلْفَرَسِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الْبُرْزُلِيُّ كَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَقُولُ إنْ كَانَتْ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ يَأْخُذُهَا، وَلَوْ كَثُرَتْ كُتُبُهُ جِدًّا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَابِلِيَّةٌ فَلَا يُعْطَى
1 / 160