الحلبتين. قلت: إن كان الغرض بقوله: ما بين الحلبتين كل قبضة على خلف عند احتلابها، وإعادة القبض على إخلافها فمعنى البيت صحيح. وان كان الغرض بين حلبتين: حلبة أولى بركت بعدها حتى اجتمع شيء من اللبن ثم احتلبت فليس المعنى بجيد. لأن أبا الطيب ما قصد إلا سرعة الإجابة، وقلة اللبث على إنه يقال لما يجتمع من اللبن بين كل حلبتين: فيقة. ويقال: أفاقت الناقة درتها وهي الفيقة. وتلك لا تجتمع إلا في ساعة أو ساعتين. وكل ولد يتفوق أمه أي يشرب اللبن فيقة فيقة والفواق
أيضًا ما يأخذ الإنسان عند امتلائه من الطعام. كأن نفسه ينقطع، أو يعلو. والمحتضر أيضًا يفوق بنفسه للفواق الذي يأخذه فجائز أن يريد. كان اللبث بينهما قدر ذلك الفواق وإنما هي نبرة وهمزة يعلو بها النفس.
وقوله:
وما كل من يهوى يعف إذا خلا ... عفافي ويرضى الحب والخيل تلتقي
يريد أني أعف إذا خلوت بمحبوتي. وقد كرر هذا في شعره حيق يقول:
إذا كنت تخشى العار في كل خلوة ... فلم تتصباك الحسان الخرائد
وهذا مفخر عالٍ وقوله: ويرضى الحب والخيل تلتقي يريد قول عمرو بن كلثوم:
يقتن جيادنا ويقلن لستم ... بعولتنا إذا لم تمنعونا