98

Fath Bab Cinaya

فتح باب العناية بشرح النقاية

Investigator

محمد نزار تميم وهيثم نزار تميم

Publisher

دار الأرقم بن أبي الأرقم

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . === ولنا ما رُوِيَ: أنَّ عُمَرَ وعَمْرَو بنَ العاص وَرَدَا حَوْضًا، فقال عَمْرُو بن العاص: يا صاحبَ الحوض أَتردُ السِّباعُ ماءَك هذا؟ فقال عُمَرُ: يا صاحِبَ الحوضِ لا تُخْبِرْنا (^١) . فلولا أنه كان إذا أَخبَرَ بوُرُودِ السِّباعِ يَتعذَّرُ عليهما استعمالُه لمَا نَهَاهُ عن ذلك. وتأويلُ الحديثينِ: أنه كان في الابتداءِ قَبْلَ تحرِيم لُحومِ السِّباع، أو وقَعَ السُّؤالُ في الحِياضِ الكِبار، ونحن نقولُ أيضًا: إن مثلَها لا يَتنجَّسُ. على أنَّ الأَوَّلَ معلولٌ بعبدِ الرحمن بن زيد، والثانيَ رواه الدَّارقطنيُّ وفيه داودُ بن الحُصَين، ضعَّفَه ابنُ حِبَّان. لكنْ روى عنه مالك. وأيضًا مُقتَضَى الحديثِ الأوَّلِ طهارةُ سُؤْر الكلبِ وإن كان دون القُلَّتَيْن، والشافعيُّ لا يقولُ به. وإنْ خصَّصَهُ بهما رَجَعْنا معه إلى أَصْلِ المسألة. وأَوجَبَ علماؤنا وَالشافعيُّ: غسْلَ الإِناءِ بولوغ الكلبِ فيه لنجاستِه عندنا، ولم يُوجِبْه مالكٌ لطهارته عنده، لكن يُغْسَلُ عندنا ثلاثًا، لا سَبْعًا إحدَاهُنَّ بالتُّرابِ كما قال الشافعي، لِمَا رواه السِّتةُ عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «إذا وَلَغَ الكلبُ في الإِناء فاغْسِلُوه سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ أَوْ السَّابعَةُ بالتُّرابِ، على شَكِّ الراوي، وفي روايةٍ: «أُخْراهُنَّ»، وفي الأُخرى: «إحداهُنَّ». وهذا الاضطرابُ عَيْبٌ عظيمٌ في هذا الباب. ولنا ما روى الدارقطنيُّ: عن عبد الوهاب بن الضحَّاك، عن إسماعيل بن عيَّاش، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عنه ﵊ (^٢) في الكلبِ يَلِغُ في الإِناءِ: «يُغْسَلُ ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا». قال: وانفرد به عبدُ الوهاب عن ابنِ عيَّاشٍ وهو متروك، وغيرُهُ يَرويه عن ابنِ عياش بهذا الإِسناد: «فاغْسِلُوه سَبْعًا»، ثم رواه أيضًا عن عبد الملك بن أبي سُلَيمان، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة: أنه كان إذا وَلَغَ الكلبُ في الإِناءِ أهْرَاقَهُ (^٣) ثم غَسَلَه ثلاثَ مَرَّات. قال في «الإِمام»: وهذا سَنَدٌ صحيح. ورواه ابنُ عَدِيّ في «الكامل» عن الحسين بن علي الكَرَابِيسي: حدَّثَنا إسحاقُ الأزرق: حدَّثَنا عبدُ الملك، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ «إِذا وَلَغَ الكلبُ في إناءِ أحدِكم فلْيُهْرِقْهُ، ولْيَغْسِلْهُ ثلاثَ مَرَّات». ثم أخرَجَهُ عن عُمَرِ بنِ شيبة: حدَّثَنا إسحاقُ الأزرق به موقوفًا. قال: ولم يَرفعه غيرُ الكَرَابِيسي، ولم أجِدْ له حديثًا منكرًا غيرَ هذا، وإنَّما حَمَلَ عليه أحمدُ بنُ حنبل مِنْ جهةِ

(^١) أخرجه الإِمام مالك في "الموطأ" ١/ ٢٣، كتاب الطهارة (٢)، باب الطهور للوضوء (٣)، رقم (١٤). (^٢) عبارة المطبوعة: "عن أبي هريرة قال رسول الله ﷺ في الكلب" والمثبت من المخطوطة. (^٣) هَرَاقَ الماء يُهْرِيقُهُ هِرَاقَةً: صَبَّه، وأصله: أراق يريق إراقة. مختار الصحاح ص ٢٨٩، مادة (هرق).

1 / 103