٢ - أهمية علم القراءات وصلته بالعلوم الشرعية.
يُعَدُّ عِلْمُ القراءات أصل العلوم الشرعيةكلها، فهو مركز الاختلاف بين المفسرين في تفاسيرهم، والفقهاء في مسائلهم، والنحاة في مذاهبهم.
فمثلًا قوله: ﴿فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ﴾ (^١) قرئت آدم بالرفع وكلمات بالنصب، وقرئت آدم بالنصب وكلمات بالرفع، فاختلف النحاة في هذه الآية، وكذلك اختلف المفسرون في تفسيرها.
فمَنْ قرأ بالرفع في (آدم) والنصب في (كلمات) فعلى أنَّ آدم فاعل، وكلمات مفعول به، ويكون المعنى أي: تاب آدم وتلقى من ربه كلماتِ التوبة، ومن قرأ (آدمَ) بالنصب، و(كلماتٌ) بالرفع فعلى أنَّ آدم مفعول به، وكلمات فاعل، ويكون المعنى أي: تلقفت الكلمات آدم أي استقبلته، فصارت كأنها مكرمة له لكونها سبب العفو عنه (^٢).
وكذلك قوله: ﴿يأيها الذِين آمَنُوا إِذا قُمْتُم إلى الصَّلوةِ فاغْسِلُوا وجُوهَكُم وأيديكم إلى المرافق وامْسَحُوا برءوسِكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ (^٣) قرئت (أرجلكم) بالنصب وبالجر، فمَن قرأها بالنصب يكون حكمها الغسل كالوجه، ومَن قرأها بالجر يكون عطفًا على برؤوسكم لفظًا ومعنًا، قالوا: والخفض يقتضي فرض الغسل، وكيفية الجمع بينهما أن يجعل المسح للابس الخف، والغسل لغيره.