Fatḥ al-Wahhāb bi-sharḥ Minhāj al-Ṭullāb
فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب
Publisher
دار الفكر
Edition
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shāfiʿī Law
كتاب البيع
مدخل
...
كتاب البيع.
أركانه عاقد ومعقود عليه وصيغة ولو كناية إيجاب كبعتك وملكتك واشتر مني وكجعلته لك بكذا وقبول كاشتريت وتملكت وقبلت وإن تقدم كبعني وَشُرِطَ فِيهِمَا أَنْ لَا يَتَخَلَّلَهُمَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ ولا سكوت طويل وأن.
ــ
كتاب البيع.
يُطْلَقُ الْبَيْعُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ وَهُوَ تَمْلِيكٌ بثمن على وجه مخصوص والشراء تمليك بذلك وعلى العقد المركب منهما وهو المراد بالترجمة وهو لغة مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَشَرْعًا مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ ١ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ فَقَالَ عَمَلُ الرَّجُلِ بيده وكل بيع مبرور أَيْ لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
" أَرْكَانُهُ " كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةٌ " عَاقِدٌ " بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ " وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ " مُثَمَّنٌ وَثَمَنٌ " وَصِيغَةٌ وَلَوْ كِنَايَةً " وَسَمَّاهَا الرَّافِعِيُّ شُرُوطًا وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِشَرْطِيَّةِ الصِّيغَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرَيْنِ وَالصِّيغَةُ " إيجَابٌ " وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ السَّابِقِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً " كَبِعْتُكَ وَمَلَّكْتُك وَاشْتَرِ مِنِّي " كَذَا بِكَذَا وَلَوْ مَعَ إنْ شِئْت وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ " وَكَجَعَلْتُهُ لك بكذا " ناويا البيع " وَقَبُولٌ " وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمَلُّكِ السَّابِقِ كَذَلِكَ " كَاشْتَرَيْتُ وَتَمَلَّكْت وَقَبِلْت وَإِنْ تَقَدَّمَ " عَلَى الْإِيجَابِ " كَبِعْنِي " بِكَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ مَنُوطٌ بِالرِّضَا لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ " إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ " وَالرِّضَا خَفِيٌّ فَاعْتُبِرَ مَا يَدُلُّ عليه من اللفظ فلا بيع بمعاطاة وَيَرُدُّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ بِهَا أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ وَقِيلَ يَنْعَقِدُ بِهَا فِي كُلِّ ما يعد فِيهِ بَيْعًا كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالدَّوَابِّ وَالْعَقَارِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَالتَّصْرِيحُ بِاشْتَرِ مِنِّي مِنْ زِيَادَتِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّتِهِ بِالْكِنَايَةِ بَيْعُ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ بِهَا لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ ولوكتب إلَى غَائِبٍ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَى الْكِتَابِ وَيَمْتَدُّ خِيَارُ مَجْلِسِهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْقَبُولِ وَيَمْتَدُّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَى انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَلَوْ كَتَبَ إلَى حَاضِرٍ فَوَجْهَانِ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ الصِّحَّةُ وَاعْتِبَارُ الصِّيغَةِ جَارٍ حَتَّى فِي بَيْعِ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ كَبَيْعِ ماله من طفله وَفِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لَكِنْ تَقْدِيرًا كَأَنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَنْ الطَّالِبِ وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْنِيهِ وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَقَدْ أَجَابَهُ.
" وَشُرِطَ فِيهِمَا " أَيْ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ كَمَا سَيَأْتِي حكمهما في كتاب الطلاق " أن لا يتخللهما كلام أجنبي " عن العقد ممن يريد أن يتسم الْعَقْدَ وَلَوْ يَسِيرًا لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فِي الْخُلْعِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ شَائِبَةَ جَعَالَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْيَسِيرِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ" أَنْ " لَا " يَتَخَلَّلَهُمَا " سُكُوتٌ طَوِيلٌ " وَهُوَ مَا أَشْعَرَ بِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ الْأَوَّلُ قَبْلَ الثَّانِي وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ وَبَقَاءُ الْأَهْلِيَّةِ إلَى وُجُودِ الشق الآخر وَأَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مِمَّنْ صَدَرَ مَعَهُ الْخِطَابُ فَلَوْ قَبِلَ غَيْرُهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ نَعَمْ لَوْ قَبِلَ وَكِيلُهُ فِي حَيَاتِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ صِحَّتُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُقُوعِ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ قُلْتُ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَطُولَ الفصل بين لفظيهما.
١ البقرة: ٢٧٥.
1 / 186