96

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Publisher

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition Number

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

مصر

تَشْمَلُ الْكُلَّ
وَفِي الشَّاةِ تَبْعَرُ فِي الْمِحْلَبِ بَعْرَةً أَوْ بَعْرَتَيْنِ قَالُوا تُرْمَى الْبَعْرَةُ وَيُشْرَبُ اللَّبَنُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ، وَلَا يُعْفَى الْقَلِيلُ فِي الْإِنَاءِ عَلَى مَا قِيلَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ كَالْبِئْرِ فِي حَقِّ الْبَعْرَةِ وَالْبَعْرَتَيْنِ
(فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا خَرْءُ الْحَمَامِ أَوْ الْعُصْفُورِ لَا يُفْسِدُهُ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀. لَهُ أَنَّهُ اسْتَحَالَ إلَى نَتَنٍ وَفَسَادٍ فَأَشْبَهَ خَرْءَ الدَّجَاجِ. وَلَنَا إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اقْتِنَاءِ الْحَمَامَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ مَعَ وُرُودِ الْأَمْرِ بِتَطْهِيرِهَا وَاسْتِحَالَتِهِ لَا إلَى نَتْنِ
ــ
[فتح القدير]
ذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الرَّوْثَ وَالْمُفَتَّتَ مِنْ الْبَعْرِ مُفْسِدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، إلَّا أَنَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَلِيلَ عَفْوٌ، وَهُوَ الْأَوْجُهُ، فَقَوْلُهُ لَا فَرْقَ إلَخْ فِي كُلٍّ مِنْهَا خِلَافٌ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوْجَهَ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَشْمَلُ الْكُلَّ.
(قَوْلُهُ وَفِي الشَّاةِ تَبْعَرُ فِي الْمِحْلَبِ قَالُوا تُرْمَى الْبَعْرَةُ) أَيْ مِنْ سَاعَتِهِ، فَلَوْ أُخِّرَ أَوْ أَخَذَ اللَّبَنُ لَوْنَهَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَحَقَّقُ فِي نَفْسِ الْوُقُوعِ لِأَنَّهَا تَبْعَرُ عِنْدَ الْحَلْبِ عَادَةً لَا فِيمَا وَرَاءَهُ، وَذَلِكَ بِمَرْأًى مِنْهُ، وَبَعَرَ يَبْعَرُ مِنْ حَدِّ (مَنَعَ) . وَالرَّوْثُ لِلْفَرَسِ وَالْحِمَارِ مِنْ رَاثَ، يُقَالُ مِنْ حَدِّ (نَصَرَ)، وَالْخِثْيُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَاحِدُ الْأَخْثَاءِ لِلْبَقَرِ مِنْ بَابِ (ضَرَبَ) (قَوْلُهُ وَلَا يُعْفَى الْقَلِيلُ فِي الْإِنَاءِ عَلَى مَا قِيلَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ) فَإِنَّهُ الْمُتَسَاهَلُ فِي تَرْكِهِ مَكْشُوفًا.
وَقَالَ ﷺ فِي فَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي السَّمْنِ «إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ»
(قَوْلُهُ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اقْتِنَاءِ الْحَمَامَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ) وَالْعِلْمُ بِمَا يَكُونُ مِنْهَا مَعَ وُرُودِ الْأَمْرِ بِتَطْهِيرِهَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَيُرَادُ الْإِجْمَاعُ الْعَمَلِيُّ فَإِنَّهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُقِيمَةٌ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَعَ الْعِلْمِ بِمَا يَكُونُ مِنْهَا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَتْ عَائِشَةُ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى بَنِيهِ: أَمَّا بَعْدُ: «فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصْنَعَ

1 / 100