33

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Publisher

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Edition Number

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

مصر

الْمَعَانِي النَّاقِضَةُ لِلْوُضُوءِ كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [المائدة: ٦] «وَقِيلَ لِرَسُولِ ﷺ مَا الْحَدَثُ؟ قَالَ: مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ» وَكَلِمَةُ مَا عَامَّةٌ فَتَتَنَاوَلُ الْمُعْتَادَ وَغَيْرَهُ
ــ
[فتح القدير]
النَّقْضُ فِي الْأَجْسَامِ: إبْطَالُ تَرْكِيبِهَا، وَفِي الْمَعَانِي: إخْرَاجُهَا عَنْ إفَادَةِ مَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهَا (قَوْلُهُ كُلُّ مَا يَخْرُجُ) قِيلَ يَعْنِي خُرُوجَ مَا يَخْرُجُ لِيَصِحَّ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَعَانِي، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النَّاقِضَ هُوَ النَّجَسُ الْخَارِجُ لَا خُرُوجُ الْمُخْرَجِ لِلنَّجَسِ عَنْ كَوْنِهِ مُؤَثِّرًا لِلنَّقْضِ، مَعَ أَنَّ الضِّدَّ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي رَفْعِ ضِدِّهِ.
وَصِفَةِ النَّجَاسَةِ الرَّافِعَةِ لِلطَّهَارَةِ إنَّمَا هِيَ قَائِمَةٌ بِالْخَارِجِ، وَغَايَةِ الْخُرُوجِ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً تُحَقِّقُهَا صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ: أَعْنِي صِفَةَ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهَا شَرْعِيَّةٌ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ إذْ بَعْدَ تَحَقُّقِهَا عَنْ عِلَّتِهَا هِيَ الْمُؤَثِّرَةِ لِلنَّقْضِ.
ثُمَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ «مَا الْحَدَثُ؟ قَالَ: مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ»، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُوجِبُ صَرْفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ لَا إصْلَاحَ عِبَارَةِ بَعْضِ الْمُصَنِّفِينَ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ؛ إذْ الْمَعْنَى قَدْ لَا يُقَابِلُ الْجَوْهَرَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ عَلَى الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ جَوْهَرًا كَانَ أَوْ عَرَضًا، وَإِنَّمَا يُقَابِلُهُ الْعَرَضُ.
فَالنَّاقِضُ الْخَارِجُ النَّجَسُ، وَالْخُرُوجُ شَرْطُ عَمَلِ الْعِلَّةِ وَعِلَّةٌ لَهَا نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ عِلَّةُ تَحَقُّقِ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ النَّجَاسَةُ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لِأَحَدٍ طَهَارَةٌ، فَإِضَافَةُ النَّقْضِ إلَى الْخُرُوجِ إضَافَةٌ إلَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى) وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ فِي عُمُومِ مَا يَخْرُجُ دُودَةً كَانَتْ أَوْ حَصَاةً أَوْ رِيحًا إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْهُ، وَهُوَ الرِّيحُ الْخَارِجُ مِنْ الْقُبُلِ، وَالدُّودَةُ مِنْهُ.
وَأَمَّا

1 / 37