Fatḥ al-Qadīr sharḥ al-Hidāya
فتح القدير شرح الهداية
Publisher
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
Edition
الأولى
Publication Year
1389 AH
Publisher Location
مصر
Genres
Ḥanafī Law
(وَالشَّعْرُ وَالْبَطْنُ وَالْفَخِذُ كَذَلِكَ) يَعْنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنَّمَا وَضَعَ غَسْلَهُ فِي الْجَنَابَةِ لِمَكَانِ الْحَرَجِ وَالْعَوْرَةُ الْغَلِيظَةُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَالذَّكَرُ
ــ
[فتح القدير]
أَنَّ الِانْكِشَافَ الْكَثِيرَ فِي الزَّمَنِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُ، وَالِانْكِشَافَ الْقَلِيلَ فِي الزَّمَنِ الْكَثِيرِ أَيْضًا لَا يُفْسِدُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَلِيلَ عَفْوٌ لِاعْتِبَارِهِ عَدَمًا بِاسْتِقْرَاءِ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ، وَقُدِّرَ بِالرُّبْعِ لِأَنَّهُ يَحْكِي حِكَايَةَ الْكَمَالِ بِالدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ رَأَى أَحَدَ جَوَانِبِ وَجْهِ إنْسَانٍ صَحَّ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُ رَأَى وَجْهَهُ، وَهَذَا يَدْفَعُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ ﵀: إنَّ الْكَثْرَةَ يُقَابِلُهَا الْقِلَّةُ حَتَّى أَجَازَ صَلَاتَهُ مَعَ انْكِشَافِ أَقَلِّ مِنْ النِّصْفِ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا اُعْتُبِرَ بِالنِّسْبَةِ وَالْإِضَافَةِ إلَى مُقَابِلِهِ، وَلَيْسَ هَذَا الِاعْتِبَارُ لَازِمًا بَلْ كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ يَجُوزُ اعْتِبَارُهُ فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦] .
وَإِذَا صَحَّ الِاعْتِبَارَانِ كَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الثَّانِي هُنَا، وَعَلَى اعْتِبَارِهِ تَثْبُتُ الْكَثْرَةُ بِالرُّبْعِ لِمَا ذَكَرْنَا فَتُمْنَعُ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ كَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْحَلْقِ فِي الْإِحْرَامِ يُفِيدُ أَنَّهُ مِمَّا حَكَى فِيهِ الرُّبْعُ حِكَايَةَ الْكُلِّ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى أَنَّ النَّصَّ فِيهِمَا يُفِيدُ تَعْمِيمَهَا بِالْفِعْلِ، وَاكْتَفَى بِالرُّبْعِ لِحِكَايَتِهِ إيَّاهُ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الْمُفَادُ بِالنَّصِّ هُوَ الرُّبْعُ ابْتِدَاءً فَمِنْ أَيْنَ كَوْنُ ذَلِكَ الرُّبْعِ طَلَبًا لِحِكَايَتِهِ، حَكَاهُ الْكَمَالُ.
لَا يُقَالُ: لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي بَاقِي الْأَعْضَاءِ اسْتِيعَابُهَا فَالظَّاهِرُ فِي الرَّأْسِ مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ مَمْنُوعَةٌ أَوَّلًا. وَكَوْنُهُ فِي بَاقِي الْأَعْضَاءِ كَذَلِكَ مَمْنُوعٌ ثَانِيًا فَإِنَّ الْيَدَ اسْمٌ إلَى الْإِبْطِ بِاعْتِرَافِهِمْ وَلَمْ يَجِبْ اسْتِيعَابُهَا. ثُمَّ سَوَّى فِي الْكِتَابِ بَيْنَ الْغَلِيظَةِ وَالْخَفِيفَةِ فِي اعْتِبَارِ الرُّبْعِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُعْتَبَرُ فِي الْغَلِيظِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ.
وَفِي الْخَفِيفَةِ الرُّبْعُ اعْتِبَارًا بِالنَّجَاسَةِ الْغَلِيظَةِ وَالْخَفِيفَةِ، وَغَلِطَ بِأَنَّهُ تَغْلِيظٌ يُؤَدِّي إلَى التَّخْفِيفِ أَوْ الْإِسْقَاطِ، لِأَنَّ مِنْ الْغَلِيظَةِ مَا لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنَّ كَشْفَ جَمِيعِهَا أَوْ أَكْثَرِهَا لَا يَمْنَعُ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ قِيلَ إنَّ الْغَلِيظَ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ مَعَ مَا حَوْلَهُمَا فَيَجُوزُ كَوْنُهُ اعْتَبَرَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ إنَّهُ مَا فَوْقَ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ لِمَكَانِ الْحَرَجِ) أَيْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَدَنِ أَوْ لَيْسَ مِمَّا
1 / 261